حتى محاسن لم تنج من سهام العجوز. كانت فاسدة الطبع مشاكسة سيئة الظن بكل شيء، كثيرا ما تقول لابنتها: تضنون علي بأطايب الطعام، وترمون إلي بأسوئه.
فتقول لها محاسن: تأكلين مما نأكل.
فتقول بإصرار: كذابة لا تخفى علي حقيقة رائحة، كذابة مثل زوجك!
فيغضب سماحة ويقول: ما دخلي أنا؟! - أنت رأس البلوى. - الصبر، الصبر، حتى يجيء الفرج!
فتصرخ العجوز: الفرج! ستسبقني إلى القبر! - طريقنا مختلف على أي حال.
فتقهقه قائلا: أراهن على أنك قتلت أباك في الصعيد وجئتنا هربا من حبل المشنقة!
ارتعد حنقا وحقدا، وتمنى لو يحطم رأسها.
29
لكنه سعد بمحاسن حقا، ولاذ بحضنها من همومه الراسخة. هي أيضا تستجيب له وتسعد به. أجل آمن منذ الشهر الأول بأنها ليست الزوجة الطيبة المطيعة. إنها جريئة، حادة، واثقة من نفسها، مداعباتها تخشن أحيانا لحد القسوة، وهي تبالغ في عنايتها بنفسها، تكثر من الاستحمام والتعطر بالقرنفل، ولكنها تتزين لحد البهرج. وعد ذلك من مزاياها، ولكنه كره أن يطلع عليها غريب. ومن جراء ذلك نشب بينهما أول خلاف جدي. قال لها مرة: لا تطلي من النافذة وأنت على هذه الصورة.
فقالت باستياء: طالما عملت في الطريق. - كنت تظهرين كما خلقك الله.
अज्ञात पृष्ठ