في تلك الليلة سهر خضر في الساحة أمام التكية. دفن قلقه ومخاوفه في الظلمة المباركة. رفع عينيه إلى النجوم الساهرة طويلا. رنا بإجلال إلى شبح السور العتيق. ابتهل إلى بوابة التكية الشامخة. تأمل ممر الفناء بأسى. حيا أشباح أشجار التوت. تذكر بوجد الثاوين في القبور والضائعين في المجهول، والعواطف المشبوبة التي لم تنهل من رحيق الحياة، الآمال التي تلاشت في الأبدية، الأحلام المنطلقة من وهدة السكون مثل الشهب، العرش الهائم فوق كافة احتمالات الخير والشر . وتساءل: ماذا يخبئ الغد؟ لم اختص عاشور وحده بالرؤيا الهادية؟
وانتبه إلى الأنغام وهي تصعد مثل الهداهد هاتفة:
آنا نكه خاك را بنظر كيميا كنند
آيا بودكه كوشه جشمي بما كنند
5
وفكر خضر في تزويج سماحة من بنت الحلال. اعتقد أنه يعيش طور مغامرة هوجاء، وأنه ينقصه العقل، والارتباط بأسرة كريمة مدعاة إلى إعادة التفكير، والنزول بدار فاخرة وإنجاب ذرية كريمة ومصاهرة الأكابر من شأنه خلق دنيا جديدة تقتضي أن يغير الإنسان جلده وعينيه. ورأى في أنسية كريمة محمد البسيوني العطار أمله المنشود. وجس النبض فلقي ترحابا كما قدر وأكثر.
عند ذاك قال لسماحة: وجدت لك ابنة الحلال.
فتساءل سماحة: أليس من الواجب أن نبدأ بأخي الأكبر رضوان؟ - أو نبدأ بالجواد الجامح!
فقال سماحة بعذوبة وجرأة: الحق أني سبقتك يا عمي. - حقا؟!
فحنى رأسه بهدوء فسأله بلهفة: من السعيدة المحظوظة؟
अज्ञात पृष्ठ