وتساءل حموه السمري: ألا تسفك دماؤكم دفاعا عن كرامتنا؟
وقال تاجر الغلال: الفتوة ورجاله من الوجهاء، أو هذا ما ينبغي أن يكون.
فقال معترضا: كلا، ما فعل ذلك أبي ولا جدي.
فقال صاحب الوكالة: لولا إقامة جدك العظيم في دار البنان ما عرفت الحارة معنى الفلاح.
فقال بإصرار: كان فتوة أعظم منه وجيها.
فقال صاحب الوكالة: خلق الفتوة ليكون وجيها، وليلعني الله إن كنت كاذبا أو مغرضا فيما أقول!
وضحك ساخرا ودفء الخمر يغزوه!
10
وأنجبت سنية له «بكر»، ثم «خضر»، فنعم بما يعده أبوة حقيقية. وفي أثناء ذلك تم تشييد دار جديدة لسنية. وبات سليمان يسعد بأيامه في الدار بقدر ما يشقى بعودته الإجبارية إلى بدروم فتحية. استولت سنية على قلبه تماما كما استحوذت دارها على رغباته. وبتعاقب الأيام زحف على وجدانه مخدر فعال؛ كف عن عمله وأحل فيه أحد رجاله، وزاد من الهبات لنفسه ولأعوانه، فمضت العصبة ترتفع نحو منازل الوجهاء حتى هجروا في النهاية حرفهم البسيطة أو أهملوها، وتناقصت أنصبة الفقراء والحرافيش وإن لم يحرموا من الهبات. تغير وجه الحارة المشرق، وأخذ الناس يتساءلون: أين عهد عاشور؟ أين إخلاص شمس الدين؟ وتحفز الأتباع للمتسائلين وأرهبوا الساخطين.
وأنشأت سنية بكر وخضر نشأة مرفهة ناعمة، ثم أدخلتهما الكتاب، وأعدتهما للتجارة؛ فلم يبشر أحدهما بأنه سيخلف أباه ذات يوم. ولما بلغا سن المراهقة فتحت لهما محلا لبيع الغلال؛ وبذلك صارا تاجرين وجيهين.
अज्ञात पृष्ठ