وقد اهتدى لبعض ما اهتديت له بعض أصحابنا من أهل استراباد كان يسكن مكة - شرفها الله - وقد أدركت صحبته بها، فإنه كان يقول بوجوب العمل بالأخبار واطراح طريقة الاجتهاد والقول بالآراء المبتدعة وترك استعمال الأصول الفقهية المخترعة ولعمري أنه قد أصاب في ذلك وهو الفاتح لنا هذا الباب وهادينا فيه إلى سبيل الصواب إلا أنه ذهب عنه أصلان أصيلان وصدر عنه أمران أمران.
أما الأصلان الأصيلان فأحدهما - اثبات المتشابه في الأحكام وتثليث الأمر.
والثاني - اسقاط التكاليف المبتدعة وتقليل الحكم.
وأما الأمران الأمران فأحدهما - افراطه في القول بالأخبار وغلوه فيه حيث ادعى أن جميع ما في الكتب الأربعة المشهورة مما يفيد القطع بصدورها عن أهل البيت عليهم السلام.
والثاني - طعنه في طائفة من أجلة فقهائنا ونسبته إياهم إلى الفساد والافساد وغلوه في مؤاخذتهم بما خاضوا فيه من الاجتهاد، والباعث له على الأمر الأول ذهوله عن ذينك الأصلين في هذا الباب، وعلى الثاني غفلته عن غفلتهم وخطائهم (1) فيما أصاب وأنهم لم يكونوا فيه متعمدين أو فعلوه لمصلحة في الدين ثم لم يغلوا فيه غلو المخالفين فعسى الله أن يعفو عنهم والله غفور رحيم.
ولأجل ارتكابه لهذين الأمرين اشمأزت قلوب متقلدة الفقهاء عن سماع كلامه ولم يقبلوا عليه ليدركوا كنه مرامه، فأنكروه بشراشر هممهم من دون أن يتأملوا فيما قال وشرعوا في تزييف قوله قبل أن يعرفوا كيفية الحال، فذهب حقه بباطله وحاله بعاطله. وأما نحن فلا نغلوا في ديننا ولا نقول على الله إلا الحق والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
पृष्ठ 12