يقول ابن تيمية: "وقد اتفق المسلمون على أن من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا إن أهل السُّنَّة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور" (١) .
ثانيًا: إن لزوم جنس العمل - أو قدر من أعمال الجوارح - لتحقيق أصل الإيمان الذي ينجو بصاحبه من الخلود في النار - أي في الإيمان الواجب علي من بلغته الأعمال والشرائع - لهو قضية اشتبهت على الكثير من دعاة الإسلام في هذا العصر، فلابد من أن نزيدها وضوحًا وبيانًا إن شاء الله تعالى. فنقول وبالله التوفيق:
يقول صاحب "معارج القبول": "وذهب الجبائي وأكثر المعتزلة البصرية إلى أنه - أي الإيمان - الطاعات المفروضة من الأفعال والتروك دون النوافل، وهذا أيضًا يدخل المنافقين في الإيمان، وقد نفاه الله عنهم، وقال الباقون منهم: العمل والنطق والاعتقاد. والفرق بين هذا وبين قول السلف الصالح أن السلف لم يجعلوا كل الأعمال شرطًا في الصحة بل جعلوا كثيرًا منها شرطًا في الكمال، كما قال عمر بن عبد العزيز فيها: "من استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، والمعتزلة جعلوها كلها شرطًا في الصحة. والله أعلم" (٢) .
_________
(١) الإيمان ص٢٥٩.
(٢) معارج القبول، حافظ حكمي جـ٢ص٣١.
1 / 30