हक़ीक़त: एक बहुत छोटा परिचय
الحقيقة: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
ذات ليلة، استيقظ عالم الحيوان الفرنسي إيف ديلاج على طرقات الباب، كان الطارق هو حارس البيت يخبره أن يستيقظ لأن صديقا له باغته المرض، قام ديلاج من فراشه وارتدى ملابسه وتوجه مسرعا إلى دورة المياه ليغسل وجهه بإسفنجة مبللة. أيقظه إحساس الماء البارد على وجهه؛ كان في الواقع لا يزال مستلقيا في الفراش بملابس النوم، ولم يكن ثمة أحد يطرق الباب، كانت التجربة كلها حلما.
بعد دقائق، سمع طرقات أخرى على الباب، قال الحارس: «سيدي، ألن تأتي؟» رد ديلاج: «يا إلهي! إذن فهذا واقع بالفعل! اعتقدت أني أحلم.» رد الحارس: «إطلاقا، أرجوك أن تسرع، فالجميع ينتظرك!» استيقظ ديلاج وارتدى ملابسه، وأسرع إلى دورة المياه ليغسل وجهه. وعندما لامست الإسفنجة وجهه، استيقظ، ووجد نفسه بملابس النوم في الفراش. بعد برهة قصيرة، سمع طرقات أخرى على الباب، ومرة أخرى كان الحارس يقول: «سيدي ...»
قيل لنا إن هذه الأحداث كررت نفسها أربع مرات قبل أن يستيقظ ديلاج في النهاية في العالم الواقعي. مر ديلاج بظاهرة «الاستيقاظ الزائف» غير المعتادة ولكن غير النادرة أيضا؛ إذ استيقظ فيما اعتقد أنه العالم الواقعي، ليكتشف أن هذا أيضا كان حلما. وعندما استيقظ ثانية، اكتشف أنه لا يزال في حلم لم يستيقظ منه بعد. إن عدد المستويات التي يمر بها النائم قبل أن يستيقظ في النهاية قد يكون كبيرا للغاية، وغالبا ما يجد الأشخاص الذين يمرون بتجربة الاستيقاظ الزائف العملية كلها شديدة الإحباط.
ثمة سببان رئيسيان لذلك؛ أولهما: هو رعب الاستمرار في حلقة تكرار أبدي للأحداث نفسها، أما السبب الثاني: فهو الشك الذي يراودنا من جراء الاستيقاظ الزائف حيال حقيقة الاستيقاظ الفعلي. كان الاستيقاظ من حلم إلى حلم، أو على الأحرى «الخروج من مستوى إلى مستوى أدنى»، واقعيا ومقنعا تماما؛ إذن كيف نعرف أن تجربة اليقظة التي مررنا بها هذا الصباح قبل أن ننهض من الفراش كانت يقظة حقيقية؟ كيف تعرف أنك لم تستيقظ في حلم آخر، حلم يضم كل التجارب التي تمر بها الآن، وأنك بعد برهة قصيرة ستستيقظ مرة أخرى في عالم اليقظة، أو ربما في حلم آخر؟
إن تأمل احتمالية أنك تحلم الآن أمر مربك بالتأكيد، ربما تظن أنه أمر بعيد الاحتمال، تماما مثل الفوز بالجائزة الكبرى في اليانصيب أو مثل السقوط ميتا فجأة. هناك الكثير من الأشياء الممكنة نظريا، رغم أن احتمالية حدوثها شديدة الانخفاض (مثل أن يكتب قرد بعشوائية على الآلة الكاتبة الأعمال الكاملة لشكسبير، أو الاختفاء المفاجئ للأشياء نتيجة لتأثير ما يطلق عليه «النفق الكمومي»). فإذا كنت لا تقلق من احتمال أن يختفي هذا الكتاب فجأة من بين يديك نتيجة لتأثير كمي عجيب ما، فلم تقلق إذن من احتمالية أن تكون الآن في حلم؟
السبب في أنك يجب أن تقلق هو أن احتمالات أنك تحلم في هذه اللحظة بالذات أكبر بكثير جدا مما تتصور. لنحسب حسبة سريعة؛ نحن نفترض متفائلين أنك تحصل على ثماني ساعات من النوم كل ليلة؛ مما يجعل ساعات استيقاظك ست عشرة ساعة في اليوم. اكتشف الباحثون في مجال النوم أن هناك علاقة قوية بين الحلم وبين الدخول في نوم حركة العين السريعة؛ يتميز نوم حركة العين السريعة بالحركة السريعة لمقلة العين، ويكون الدماغ فيه نشطا للغاية؛ حيث إن نشاطه الكهربي يشبه النشاط الكهربي للدماغ المستيقظ، ولكن يكون إيقاظ النائم في هذه المرحلة أصعب من إيقاظه أثناء النوم في أي مرحلة بخلاف نوم حركة العين السريعة. ونحن نعلم أن ما بين 20٪ إلى 25٪ من نومنا يكون في مرحلة نوم حركة العين السريعة، فإذا ما أخذنا القيمة الدنيا وافترضنا أنك لا تحلم إلا أثناء نوم حركة العين السريعة، فهذا يعطينا 1,6 ساعة من الحلم كل ليلة؛ ومن ثم، نظرا لأن لديك 1,6 ساعة من وعي الحلم لكل 16 ساعة من وعي الاستيقاظ، فإن هذا يعني أن احتمال أنك تحلم في أي لحظة يساوي 1 : 10، وهذا احتمال كبير للغاية، بالمقارنة: احتمال الفوز بالجائزة الكبرى في اليانصيب يساوي تقريبا 1 : 14 مليون (هذا يعني أنك إذا اشتريت تذكرة كل أسبوع، فستحصل على الجائزة الكبرى في المتوسط كل 250 ألف سنة)؛ واحتمال أن يسقط مؤلف هذا الكتاب صريعا نتيجة حادثة السنة القادمة أقل من 1 : 2500.
شكل 1-1: التوزيع الطبيعي لمراحل النوم في ثماني ساعات؛ كلما زاد عدد الساعات في مراحل حركة العين غير السريعة (الرمادي الفاتح)، زادت صعوبة إيقاظ النائم.
مما سبق نخلص إلى أن ثمة احتمالا لا بأس به أنك الآن تحلم، ولكن هل لهذا أهمية؟ بالتأكيد لا يمكننا أن نغض الطرف عن احتمال أن كل هذا حلم، ولكنه ما دام مستمرا، فلن يشكل هذا أي فارق يذكر في طريقة عيشنا للحياة. فحتى إن لم تكن ورقة خمسة الجنيهات الاسترلينية التي لدي في جيبي إلا نقودا في الحلم، ولم تكن كعكة الفراولة التي أشتريها بها إلا كعكة في الحلم؛ فما زلت في النهاية أستطيع الشعور بمذاق كعكة الفراولة، وماذا أريد أكثر من هذا؟ فحتى إن كنت أحلم الآن، فسيظل لدي قدرة على أن أخطط لحياتي، وسيظل السبب يتبع المسبب والأفعال سيظل لها نتائج. بالطبع، لن تكون هذه النتائج إلا نتائج داخل الحلم، ولكن بما أننا افترضنا من البداية أنني لن أستطيع أن أفرق «من الداخل» بين إذا ما كنت أحلم أم لا، فلم أقلق بهذا الشأن؟ عالم التجارب لا يزال كما هو، وهذا هو المهم في النهاية.
ما مدى سرعة مرور الوقت داخل الحلم؟
هل يمر الوقت في الحلم بالسرعة نفسها لمروره في اليقظة؟ يبدو أن أدلة غير موثقة تقترح أنه يمر بسرعة أكبر بكثير؛ قام النبي محمد بزيارته المشهورة للسموات السبع في حلم استغرق منه وقتا أقل من تدفق الماء من قنينة مقلوبة. يحلم الكثيرون منا بأحلام فيها قصص تستمر لعدة أيام؛ ومن ثم تبدو لنا أطول كثيرا من الوقت الفعلي الذي نقضيه في الحلم. فإذا كان هذا صحيحا فسيكون هناك لحظات أكثر من الوعي مقابل كل وحدة من وقت النوم نقضيها في الحلم؛ ومن ثم سيكون احتمال أنك تحلم الآن أكبر من 0,1. إلا أن الأبحاث التي أجريت في الأحلام الجلية (الأحلام التي يعرف فيها الحالم أنه يحلم) بينت أن الوقت في الحلم يمر بالسرعة نفسها التي يمر بها في حياة اليقظة؛ فعندما يحرك النائم الذي يحلم بحلم جلي مقلة عين جسده الحالم، يتسبب هذا في حركة مقلته الحقيقية. يمكن تتبع هذه الحركة في مختبر النوم، وبهذه الطريقة يستطيع الحالمون إرسال إشارات من نومهم إلى عالم اليقظة؛ على سبيل المثال، يمكن أن نطلب من المشاركين في التجربة تحريك عيونهم خمس مرات من اليسار إلى اليمين في الحلم الجلي، وتقييم فترة زمنية ثم تحريكهما مرة أخرى. عندئذ يمكن المقارنة بين الوقت الحقيقي ووقت الحلم. أظهرت التجارب أنه في المتوسط تستمر الفترة المقدرة بعشر ثوان حوالي 13 ثانية في اليقظة؛ وهذا هو مقدار الوقت نفسه الذي تستغرقه في الحلم الجلي. يبدو أن تجربتي اليقظة والأحلام تحتويان على العدد نفسه للحظات الوعي لكل وحدة من وقت اليقظة.
अज्ञात पृष्ठ