नीला बैग
الحقيبة الزرقاء: رواية عصرية أدبية غرامية
शैलियों
أما المستر هوكر خاله فلم يدخر جهدا في ملاطفته والبذل له وتقديم كل ما يلاحظ أنه يبتغيه؛ فاقتنى له جوادا ومركبة، وكان يوصي كل الخدم أن يلبوا أي أمر له، وهكذا لم تنقصه حاجة.
مع كل ذلك كان إدورد في غالب الأوقات كاسف البال في بيت خاله، قليل الضحك والمزاح على غير عادته، وإذا بش ظهر التكلف في بشاشته، لا يسره شيء هناك مهما وفرت دواعي السرور له، نعم لا يسر إذا لم تكن لويزا أمامه بحيث يجثو فؤاده أمام عرش جمالها، وتسكب من روحها ماء الحياة في قلبه.
لم تغب على خاله حقيقة حاله؛ فتأكد أن عين لويزا بنتن سحرت لبه، وأن التعاويذ لم تعد تجدي شيئا في ذلك السحر.
افتكر المستر هوكر طويلا في كيف يرقي قلب إدورد ليرفع عنه تأثير السحر، وجرب كل الرقى المألوفة، فرقاه تارة بجمال أليس وطورا بتدللها، وحينا بتوددها وآخر بتذللها، وآنا بالجاه وآنا بالثروة، فلم تنجع فيه رقية من كل هذه الرقى؛ فقال في نفسه: «إذن بقيت رقية واحدة ادخرتها إلى هذا الحين، فإن لم تنجع فقد خابت كل آمالي وحبطت مساعي في عشرين عاما وأزيد.»
وفي ذات صباح استدعى المستر هوكر ابن أخته إليه وهو في غرفته جالس إلى مكتبه، فجاء إدورد وقعد على كرسي مقابله ينتظر ما يكون من أمره. - عزيزي إدورد، ماذا تعتبر نفسك في هذا البيت؟
فنظر إدورد إلى خاله مندهشا مستهجنا: أعتبر نفسي في بيتي، كذا صحوت من طفوليتي، وكذا بقيت حتى هذه الساعة. - وكذا تبقى إلى الأبد؛ إذ ليس لي ابن سواك، كما أن لا بنت لي سوى أليس. وماذا تعتبرني بالنسبة لك؟ - عجيب يا سيدي! إذا كنت تعدني ابنك فماذا أعدك غير أبي؟ - هل لاحظت ولو مرة واحدة أني أفضل أليس عليك بشيء؟ - كلا البتة، ولو لم تقل لي إنك خالي لما عرفتك إلا أبي الحقيقي. - هل ضننت عليك بشيء في العشرين سنة التي ربيتك وعلمتك، كما يتعلم أبناء الشرفاء؟ - كلا. وهل يضن الأب على ابنه؟! - أتعتقد أني أحبك حب الأب لابنه لا حب الخال لابن أخته؟ - لا شك عندي بذلك. - أتظن أني أضحي شيئا من سعادتك لأجل سعادة أليس؟ - ما الذي يدعوك إلى هذا التسآل يا سيدي؟ ألاحظت مني شكا بعواطفك نحوي؟ - كلا وإنما آخذ أقوالك هذه مقدمات أبني عليها حديثي الآتي، فلا تجبني إلا الصدق بكل حرية ضمير؛ وإلا فسدت النتيجة التي نسعى إليها، فإن كنت لا تشعر بأنك في بيتي بمنزلة ابنتي تماما، وأن مصلحتك عندي تساوي مصلحتها، وأني لا أضحي شيئا من سعادتك لأجلها، ولا أهمل مصلحتك لأجل مصلحتها فقل. - كلا، بل إني أشعر أني ابنك كما أن أليس ابنتك، ولا أعرف نفسي غير ذلك.
وعند ذاك كان إدورد يقول في نفسه: «ألا يمكن أنه يقف في سبيل سعادتي لأجل سعادة ابنته؟» - إذن أعرني سمعك وتدبر ما أقول، أرى يا عزيزي إدورد أنك في ثورة غرام.
فتدفعت عضلات إدورد تحت فعل اختلاج عنيف تدفع الأمواج تحت فعل الرياح، واكمد وجهه حتى لاحظ المستر هوكر اضطراب بدنه وظلماء محياه؛ فأشفق على عواطفه واستدرك قائلا: نعم أراك في ثورة غرام، ولكني أعذرك لا أعذلك؛ لأن الغرام جعل لمن هو مثلك وهو سنة الله في القلوب البشرية، وإذا اقتيد الغرام بمقود التعقل كان سعادة حقيقية لذويه.
فاستبشر إدورد قليلا عند هذا الكلام، ولكنه بقي يوجس شيئا من خاتمة العظة. - أتعلم يا إدورد أن الغرام سبيل إلى الزواج، فإن لم ينته به كان ويلا على صاحبه؟ - الحق أقول لك إني لا أعلم ذلك، وإنما علمت أن الحب ثمرة القلب البشري، ومتى نضج القلب أثمر هذه الثمرة لا محالة. - نعم الحب حتم على القلب، ولا قلب بلا حب حتى قلب الطفل، ولكنك لم تصب في تشبيه الحب مع القلب، أنت تتكلم نظريا وأنا أتكلم اختباريا، الحب داء في القلب ولا علاج لهذا الداء إلا الزواج. - لا أراني مقتنعا بصحة هذه القضية يا سيدي، بل أشعر أن الحب هو هو ولا يشفي المحب منه زواج ولا غيره. - قد يصعب عليك أن تسلم بهذه القضية، ولكني أقولها لك كقضية مسلمة عند الجمهور بحكم الاختبار. وأنت معذور الآن لأنك لا تزال خياليا في الحب، ولكن هذه الثورة الغرامية التي أنت فيها، وتظنها دائمة تخمد على أثر الزواج حالا. - هل ذلك كذلك؟
قال إدورد هذه الكلمة، وأصغى إلى خاله لعله ينتهي بنتيجة ترضيه. - إذا كنت قد آمنت بهذه القضية - وأقول آمنت لأنك لا تسلم بلا برهان حسي، والبرهان الحسي هو أن تتزوج وعند ذلك تسلم فعلا - إذا كنت قد آمنت، فهاك قضية أخرى: «لا تكون المحبوبة والمخطوبة واحدة دائما.»
अज्ञात पृष्ठ