184

ومنها أنه لو كانت المعائش كذلك، وكان الإنسان يأكل من حيث توجه لأدى ذلك إلى البطنة والتخم، وكان أسرع لهلاك الناس.

وقد قال بعض أهل الطب: إن إدخال الطعام على الطعام هو الذي أهلك البرية، وقتل السباع في البرية.

ومنها أنه لو كان الرزق موجودا بغير سبب لم يكن له في قلوب الناس محبة كمحبتهم لما يكسبون. والقليل أيضا من المال محبوب، وقد أنزل الله على بني إسرائيل المن والسلوى فلم يصبروا عليه، وسألوا موسى عليه السلام أن يدعو ربهم أن يبدلهم به ما هو دونه، فقال تعالى -حاكيا قولهم: {وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير}[البقرة:61].

ومنها أن اكتساب الرزق في الدنيا دليل على الآخرة، فكما أن الدنيا يحصل الرزق فيها بالاكتساب والطلب، كذلك الآخرة لا تحصل للمكلفين إلا بطلب واكتساب، فصح أن ذلك نعمة من الله وحكمة.

ومما خول الله الإنسان: الأكنان والبيوت التي يسكنها ويأمن فيها من الخوف والحر والبرد والمطر.

पृष्ठ 251