153

وكذلك إذا كلف الله عبدا عمل شيء، ولم يكن قد أعطاه الاستطاعة عليه يكون ظالما في تكليفه للعبد ما لا يطيق، وأعظم من ذلك: أن يسلب الكافر الاستطاعة على الإيمان ثم يعذبه ويتوعده بأصناف العذاب إذا لم يفعل ما لا يطيق، فهل هذا إلا صريح الظلم وخلاف العدل؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؛ قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}[آل عمران:97]. وروي عن النبيء صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن الاستطاعة على الحج فقال: ((هي الزاد والراحلة )). ألا ترى أنه لم يجب إلا بعد حصول الاستطاعة، وأن الله تعالى ما كلف الحج إلا من استطاع إليه؟ فصح أن الاستطاعة قبل الفعل، وقال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم }[التغابن:16]، وقال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }[البقرة:286]، وقال تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}[النور:61]، وقال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة:185]، وقال تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد }[فصلت:46]، وأبو حنيفة والشافعي يوافقاننا في أن الاستطاعة على الحج قبل الفعل -وهو الزاد والراحلة- فصح أن الاستطاعة قبل الفعل، وأن الله لا يكلف المعسور.

पृष्ठ 213