हक़ाईक़ इस्लाम
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
शैलियों
روى الإمام ابن القيم ذلك في إعلام الموقعين: وقسم الربا إلى نوعين: جلي، وخفي، فتحريم الأول قصدا وتحريم الثاني وسيلة. فأما الجلي فربا النسيئة، وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال، كلما أخره زاد في المال حتى يصير المائة عنده آلافا مؤلفة، وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم محتاج ... وأما الربا الخفي فهو ذريعة للربا الجلي، وهو ما استحدث بعد الجاهلية من بيع الجنس بالجنس على غير سواء؛ فيباع الدرهم بدرهم وزيادة وتباع الكيلة بكيلة وزيادة، من غير مطالب أو تأخير اجتنابا للحكم القاطع في ربا النسيئة، ويسمى هذا الربا بربا الفضل لزيادة أحد المبيعين على الآخر، ويقول ابن القيم إنه من البيع الذي يتخذ ذريعة للربا الممنوع، فهو حرام حيث يكون ذريعة للحرام، ولا اتفاق على القطع بتحريمه لاختلاف بعض الصحابة فيه كعبد الله بن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وزيد بن أرقم، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير، وما يحرم سدا للذرائع يباح للمصالح كما قال الإمام ابن القيم في الجزء الأول من إعلام الموقعين.
1
والحكم الفصل في هذا البيع الذي كانوا يتخذونه ذريعة للربا قول النبي - عليه السلام: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إن كان يدا بيد.»
وواضح من هذا الحكم أنه يحرم الربا الذي ستروه باسم البيع والشراء، فما يكون لأحد أن يشتري صنفا بصنف مثله على غير سواء إلا أن يكون سفيها أو مضطرا ... والسفه والاضطرار كلاهما مبطل للبيع المشروع، فإذا اختلف الصنفان قيمة فلا حرج في المبايعة؛ لأنهما يختلفان بالمقايضة، فلا وجه للتحريم هنا ولا التباس بين البيع المحلل والربا الممنوع. •••
وبالمقارنة بين الأديان الكتابية بعد تلخيص الحكم الإسلامي في مسألة الربا، نعلم أن الناقدين لا حجة لهم في اختصاص الإسلام بالنقد لما يزعمونه من تعويقه أعمال الحضارة بتحريمه هذه المعاملات؛ لأنه لم ينفرد بتحريم الربا بين هذه الأديان، حتى ما كان من قبيل البيوع التي تدس الربا وراء ستار من البيع والشراء؛ فهذه أيضا قد حرمتها المسيحية على ما تقدم في رسالة «لوثر» التي أخذت بها جميع المذاهب من مذهب الكنيسة البروتستانتية!
وبغير حاجة إلى المقارنة بين الأديان الكتابية نعلم أن هؤلاء الناقدين لا حجة لهم أصلا على الإسلام فيما حرمه من ربا النسيئة أو ربا الفضل بأنواعه، كما حرم الإسلام من هذه المعاملات كل تصرف فيه ظلم واضطرار وأكل للحقوق بالباطل وابتزاز للأموال في غير عمل ولا طائل؛ وازدهار الحضارة مرهون بإلغاء كل تصرف من هذا القبيل، غير مرهون على زعمهم بحمايته والإغضاء عنه وعن ذرائعه. وفي وسع المصارف والشركات أن تتجنبه وتمضي في عملها حيث كانت في البلاد الإسلامية؛ فليس في الإسلام نص ولا تأويل يحرم التصرف النافع الذي لا اضطرار فيه ولا اغتصاب للحقوق، وما كان من قبيل الاضطرار والاغتصاب في أعمال المصارف والشركات فقد حرمته القوانين الوضعية بما اشترعته من قيود الرقابة وحدود الربح والفائدة؛ فما استطاعت حكومة من الحكومات المتحضرة أن تقف مكتوفة اليدين لتطلق أيدي المرابين في تثمير الديون بغير ثمرة للمدين، وبغير ربح غير ربح الدائن المتحكم في فرائس الضنك والاضطرار.
ولا نحب أن ندع هذا الموضوع قبل الإلماع في هذه العجالة إلى مذاهب الفلاسفة والعلماء في الربا بعد الإلماع إلى مذاهب الأديان فيه.
فمن أقدم البحوث الفلسفية عن الربا بحث المعلم الأول أرسطو - في كتابه عن السياسة - ومذهبه فيه أنه ربح مصطنع لا يدخل في باب التجارة المشروعة، وعنده أن المعاملة على أنوع ثلاثة: معاملة طبيعية، وهي استبدال حاجة من حاجات المعيشة بحاجة أخرى كاستبدال الثوب بالطعام، ومعاملة صناعية وهي استبدال النقد بحاجة من حاجات المعيشة وهي التجارة التي لا حرج فيها، ومعاملة مصطنعة ملفقة وهي اتخاذ النقد نفسه سلعة تباع، فإنما حق النقد أن يكون وسيلة للمبايعة ومعيارا تعرف به أسعار السلع المختلفة، وأما اتخاذه سلعة تباع وتشترى فهو خروج به من غرضه وابتذال للتجارة في غير مصلحتها.
واعتمد الحبر الفيلسوف توما الأكويني - حجة المسيحية في القرون الوسطى - رأي أرسطو هذا في النقد، فأوجب به تحريم الربا من الوجهة الفلسفية، وأخرج من تعريف الربا كل تصرف لا يحدث فيه تبادل النقد فعلا، وإنما يؤخر فيه إعطاء النقد لسداد ريع أو أجرة أو ثمن بضاعة ... وعقب توما الأكويني أتباع نظروا في تعريف الربا من الوجهة الفلسفية العلمية فلم يجعلوا منه ما هو بمثابة تعويض الدائن عن فوات ربح كان في وسعه
Lucrum Cessans ، أو تعويضه عن خسارة أصابته من جراء دينه
अज्ञात पृष्ठ