हक़ाईक़ इस्लाम
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
शैलियों
إلا أن هذا الحل - على ارتقائه ووفائه بالقياس إلى الحلول البدائية في عقائد القبائل الهمجية - لن يرضي عقول المؤمنين بالتوحيد، ولن يحل لهم مشكلة الشر في الوجود، ولا يزال في عرفهم حتى اليوم ضربا من الكفر يشبه جحود الجاحدين وتعطيل المعطلين.
ولعلنا لم نطلع على حل لهذه المشكلة العصية أوفى من الحل الذي نطلق عليه اسم حل الوهم، ومن الحل الذي نطلق عليه اسم حل التكافل بين أجزاء الوجود.
وخلاصة حل الوهم أن القائلين به يعتقدون أن الشر وهم لا نصيب له من الحقيقة، وأنه عرض زائل يتبعه الخير الدائم. ومن الواضح أن هذا الحل لا يفض الإشكال ولا يغني عن التماس الحلول الأخرى التي تريح ضمير المعتقد به فضلا عن المعترضين عليه؛ إذ لا نزاع في تفضيل اللذة الموهومة على الألم الموهوم، ولا يزال الاعتراض على الألم لغير ضرورة قائما في العقول ما دام في الإمكان أن تحل لذاتنا الموهومة محل آلامنا الموهومة.
وخلاصة الحل - الذي نطلق عليه اسم حل التكافل بين أجزاء الوجود - أن المعتقدين به يرون أن الشر لا يناقض الخير في جوهره، ولكنه جزء متمم له، أو شرط لازم لتحقيقه؛ فلا معنى للشجاعة بغير الخطر، ولا معنى للكرم بغير الحاجة، ولا معنى للصبر بغير الشدة، ولا معنى لفضيلة من الفضائل بغير نقيصة تقابلها وترجح عليها، وقد يطرد هذا القول في لذاتنا المحسوسة؛ يطرد في فضائلنا النفسية، ومطالبنا العقلية؛ إذ نحن لا نعرف لذة الشبع بغير ألم الجوع، ولا نستمتع بالري ما لم نشعر قبله بلهفة الظمأ، ولا يطيب لنا منظر جميل ما لم يكن من طبيعتنا أن يسوءنا المنظر القبيح.
وهذا الحل - حل التكافل بين أجزاء الوجود - أوفى وأقرب إلى الإقناع من جميع الحلول التي عولجت بها هذه المشكلة على أيدي الحكماء أو على أيدي فقهاء الأديان، ولكنها لا تغني الحائر المتردد عن سؤال لا بد له من جواب، وهو: لماذا كان هذا التكافل لزاما في طبيعة الوجود؟ ولماذا يتوقف الشعور باللذة على الشعور بالألم، أو يتوقف تقدير قيمة الفضيلة على وجود النقيصة وضرورة الاشمئزاز منها؟ أليس الله بقادر على كل شيء؟ أليس من الأشياء التي يقدر عليها أن يتساوى لديه خلق اللذة وخلق الألم؟ أليس خلق اللذة أولى برحمة الإله الرحيم من خلق الألم، كيف كان موقعه من التكافل بينه وبين اللذات؟
وعندنا أن المشكلة كلها بعد جميع ما عرضنا من حلولها إنما هي مشكلة الشعور الإنساني ، وليست - في صميمها - بالمشكلة الكونية.
وهنا نعود إلى الباب الذي نستفتح به مسالك هذه المشكلات، ونسأل أنفسنا: إذا كان الإله الذي توجد النقائص والآلام في خلقه إلها لا يبلغ مرتبة الكمال المطلق، فكيف يكون الإله الذي يبلغ هذه المرتبة في تصورنا وما ترتضيه عقولنا؟
أيكون إلها قديرا ثم لا يخلق عالما من العوالم على حالة من الحالات؟ أيكون إلها قديرا يخلق عالما يماثله في جميع صفات الكمال؟
هذا وذاك فرضان مستحيلان أو بعيدان عن المعقول، كل منهما أصعب فهما وأعسر تصورا من عالمنا الذي ننكر فيه النقائص والآلام.
فأما الإله القدير الذي لا يخلق شيئا، فهو نقيضة من نقائض اللفظ لا تستقيم في التعبير، بله استقامتها في التفكير؛ فلا معنى للقدرة ما لم يكن معناها الاقتدار على عمل من الأعمال.
अज्ञात पृष्ठ