हनीन इला खराफ़ा
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
शैलियों
للخرافة غريزة حشرية تنتحي إلى الشقوق وتعشق الثغرات وتقيم في الفجوات. يسود الدجل ويركز لواءه في المناطق التي ما زال العلم فيها مبلسا محيرا لا يملك جوابا حاسما:
في المجال العلاجي يرتع الدجل وتعلو نبرته في نطاق الأمراض المستعصية الغامضة التي لا يزال البحث الطبي يقاربها بأناة وحذر: السرطان، الشقيقة، التهاب المفاصل، الإيدز ... إلخ. يريد الدجل أن يتلقف أناسا مذهولين بالمرض متخبطين في اليأس متنازلين عن المنطق.
وفي صدد نظرية التطور يحلو للفكر الخرافي الإشارة إلى الفجوات غير المفسرة في سجل الحفريات، ويتمنى من أعماق قلبه أن تبقى إلى الأبد غير مفسرة. (3) الحس المشترك
يظن عامة الناس أن الحس المشترك مرشد وثيق لفهم الظواهر وتقييم العالم الطبيعي، ونحن نسلم بوجاهة المخزون البشري من الحكمة الشاملة لجميع الناس والمورثة عبر الأجيال، والتي أعانت الكائنات البشرية على البقاء وعلى الإبحار في عالم معقد.
نحن نسلم بحكمة الحس المشترك وقيمته في نطاق الحياة اليومية، ولكن حين يكون المقام مقام علم دقيق يسعى إلى فهم تشغيلات العالم الخارجي وتشغيلات الدماغ البشري يكون الحس المشترك محكا غير مأمون. لقد تطور الدماغ البشري لكي يمكن صاحبه من البقاء ويضمن لجيناته أن تمر إلى الأجيال التالية، ولم يتطور من أجل أن يفهم عمليات العالم الطبيعي، سواء على المستويات الفلكية أو تحت الذرية أو النيوروبيولوجية، والعلم لا يأتي إلينا طوعا؛ لأنه كثيرا ما يقتضينا المسير ضد الحس المشترك،
14
يقتضينا أن نمحو الكثير مما تعلمناه من قبل أو اكتسبناه فيما سبق.
إن الأرض لتبدو مسطحة للحس المشترك، والشمس تدور حول الأرض فيما يظهر للحس المشترك، والأشياء المتحركة تتباطأ تلقائيا في مرأى الحس المشترك إلى أن تتوقف (بينما هي في الحقيقة تتحرك إلى ما لا نهاية ما لم يحل دون ذلك حائل)، والذاكرة تبدو كشريط تسجيل للحس المشترك، والأضداد تتجاذب فيما يظن الحس المشترك، والعين الرجراجة دليل الكذب لدى الحس المشترك ... إلخ.
تلفتنا الخدع البصرية العديدة إلى أن الإدراك البشري ليس بالدقة التي نظنها، وتنبئنا دراسات الذاكرة وأخطاء تقارير شهود العيان بأن الذاكرة البشرية خادعة مرجفة ولا يعول عليها، وتجبهنا ظاهرة «الباريدوليا» بأن العقل البشري مرتهن للأنماط المخزونة فيه على نحو لا فكاك منه. إن الذهن البشري معطوب بطبيعته، وليست إجراءات البحث العلمي سوى تدابير تعويضية لتدارك هذا العطب الصميم. إنما نشأت الطرائق العلمية لكي تتلافى هذه العيوب وتعوض هذا القصور:
عشوائية العينة.
अज्ञात पृष्ठ