يصف هذا البؤس والجهد، ويتحمل هذه الفاقة، ويصبر على الفقر، قناعة بوطنه، وحبا لعطنه، واعتدادا بما وصف من رفاغة عيشه. وحدثنا سليمان بن معبد، أن الوليد بن عبد الملك أراد أن يرسل خيله، فجاء أعرابي له بفرس أنثى، فسأله أن يدخلها مع خيله، فقال الوليد لقهرمانة أسيلم بن الأحنف: كيف تراها يا أسيلم؟ فقال يا أمير المؤمنين، حجازية، لو ضمها مضمارك ذهبت. قال الأعرابي: أنت والله منقوص الاسم ، أعوج اسم الأب! فأمر الوليد بإدخال فرسه، فلما أجريت الخيل سبق الأعرابي على فرسه، فقال الوليد: أواهبها لي أنت يا أعرابي؟ فقال: لا والله، إنها لقديمة الصحبة، ولها حق ولكن أحملك على مهر لها سبق عاما أول وهو رابض. فضحك الوليد وقال: أعرابي مجنون! فقال: وما يضحككم؟ سبقت أمه عاما أول وهو في بطنها! فاستظرفه واحتبسه عنده فمرض، فبعث إليه الوليد بالأطباء، فأنشأ يقول:
جاء الأطباء من حمص تخالهم
من جهلهم أن أداوى كالمجانين
قال الأطباء: ما يشفيك؟ قلت لهم
شم الدخان من التسرير يشفيني
पृष्ठ 397