الكوافير سوسو
كانت أصابعه الخشنة بعظامها العريضة البارزة، وجلدها الأسمر الجاف، تبدو نشازا بين خصلات الشعر الذهبي الناعم، تجمع بعضها وتفرق بعضها، تلف بعضها وتفك بعضها، تنتقل في سهولة ويسر بحركات فنية خفيفة، رغم شكلها الغليظ الثقيل، الذي يوحي للرائي، أنها لم تخلق لتمسك مشطا أو دبوسا، وإنما لتقبض على فأس أو ساطور.
والشعر الذهبي بينها طيع مستكين، ينهدل تارة وينتصب تارة، يتفرق ويتجمع، وينثني وينفرد ... حتى يتخذ في النهاية شكلا أخيرا، وكأنه أصبح شعرا غير الشعر، فيه تموجات جديدة، بعضها يذهب إلى اليسار وبعضها ينحرف إلى اليمين، فيه خصلة بيضاء، وخصلة رمادية، وخصلة كستنائية.
وتتقلص الأصابع الغليظة متكورة محترسة تسويه من بعيد، وتتحسس الشعرات الرفيعة النافرة، تضمها إلى أخواتها وتعيد بلمساتها الخفيفة، نظرة واثنتين وثلاثا على الشكل الأخير، مرة من بعيد، ومرة من قريب، من اليمين ومن الشمال ومن الخلف ومن الأمام، حتى تطمئن اطمئنانا كاملا، فترتخي عضلاتها وتبعد مستريحة راضية هانئة.
كانت هذه الأصابع الغليظة هي كل شيء في حياة سعيد أو سوسو، كما كتب على لافتة محله، وكما تناديه الأصوات الرفيعة الناعمة، يفكر بأصابعه، وينظر بأصابعه، ويشتم بأصابعه، ويعيش بأصابعه ...
لكنه اليوم بدأ يحس أن له رأسا فوق عنقه، تثقله أفكار كثيرة.
سوسو!
أخذ الاسم يدق في رأسه كمطرقة حادة، بينما راحت أصابعه السميكة تسبح في رشاقة، بين خصلات الشعر الناعم.
سوسو!
وقلب شفتيه امتعاضا، وهو يراجع اسمه بينه وبين نفسه، ما الذي جعله يسمي نفسه سوسو؟!
अज्ञात पृष्ठ