وغشيت عينيها سحابة ظلماء فجمدت في مكانها لا ترى شيئا. ولما أفاقت كانت حياة قد غادرت البيت.
وتيقظت غريزتها مرة أخرى، فطغت على عواطف الخير التي تحركت في قلبها منذ حين قليل، وخنقتها كما يخنق الماء الأجاج الورد اليانع، فذهبت توا إلى زوجها وقالت له غاضبة: لم أذنت لحياة بالذهاب مع الأستاذ؟
فقال الرجل بلهجة تهكمية: ولم لا؟ أليس هو الصديق الصدوق لأمها وأبيها؟
فاهتاجها الغضب لتهكمه، وقالت وهي تنظر إلى وجهه نظرة غيظ وكراهية: إني أعجب من تصرفك هذا، أيجوز أن تأذن لها باصطحاب الأستاذ وأنت تسعى إلى تزويجها من رجل آخر؟
فهز الرجل كتفيه وقال: فسخ الرجل الآخر خطوبته.
فخفق قلبها واصفر وجهها وتساءلت: ترى هل علم شيئا عن الرسالة؟
واستطرد الرجل قائلا: عليك تقع تبعة ذلك يا هانم، فرفضك - وما ذاع عنه - زهد الشاب في الفتاة.
ترى هل اكتفى الشاب بالانسحاب دون أن يطلع زوجها على الخطاب؟ ليت ذلك يكون!
وعاد زوجها يقول بقسوة لم يستطع إخفاءها: وقد أخبرتني حياة بأنك تركتها مع الأستاذ عاصم ساعة في قصر النيل فظننت أنك تفضلينه على الشاب الآخر، فلما استأذنتني في الذهاب معه أذنت لها، وقلت لنفسي لا علي من هذا؛ فعاصم شاب جميل ونابغ في فنه.
عند ذلك لم تستطع صبرا، فولت مدبرة تترنح في مشيتها كالمصاب في مقتل.
अज्ञात पृष्ठ