بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
[مُقَدّمَة همع الهوامع للمؤلف]
يَقُول عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر السُّيُوطِيّ الشَّافِعِي - لطف الله تَعَالَى بِهِ - سُبْحَانَكَ! لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك وأصلي وَأسلم على مُحَمَّد أفضل من خصصته بِروح قدسك وَبعد فَإِن لنا تأليفا فِي الْعَرَبيَّة جمع أدناها وأقصاها وكتابا لم يُغَادر من مسائلها صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها ومجموعا تشهد لفضله أَرْبَاب الْفَضَائِل وجموعا قصرت عَنهُ جموع الْأَوَاخِر والأوائل حشدت فِيهِ مَا يقر الْأَعْين ويشنف المسامع وأوردته مناهل كتب فاض عَلَيْهَا همع الهوامع وَجمعته من نَحْو مائَة مُصَنف فَلَا غرو أَن لقبته جمع الْجَوَامِع وَقد كنت أُرِيد أَن أَضَع عَلَيْهِ شرحا وَاسِعًا كثير النقول طَوِيل الذيول جَامعا للشواهد والتعاليل معتنيا بالانتقاد للأدلة والأقاويل منبها على الضوابط وَالْقَوَاعِد والتقاسيم والمقاصد فَرَأَيْت الزَّمَان أضيق من ذَلِك ورغبة أَهله قَليلَة فِيمَا هُنَالك مَعَ إلحاح الطلاب عَليّ فِي شرح يرشدهم إِلَى مقاصده ويطلعهم على غَرَائِبه وشوارده فنجزت لَهُم هَذِه العجالة الكافلة بِحل مبانيه وتوضيح مَعَانِيه وتفكيك نظامه وتعليل أَحْكَامه مُسَمَّاة بهمع الهوامع فِي شرح جمع الْجَوَامِع ... وَالله أسأَل أَن يبلغ بِهِ الْمَنَافِع ويجعلنا مِمَّن يسابق إِلَى الْخيرَات ويسارع بمنه وَكَرمه
1 / 19
[مُقَدّمَة جمع الْجَوَامِع]
أحمدك اللَّهُمَّ على مَا أسبغت من النعم وأصلي وَأسلم على نبيك الْمَخْصُوص بجوامع الْكَلم وعَلى آله وَصَحبه مَا قَامَ بِالنَّفسِ ضمير وأعرب عَنهُ فَم وأستعينك فِي إِكْمَال مَا قصدت إِلَيْهِ من تأليف مُخْتَصر فِي الْعَرَبيَّة جَامع لما فِي الْجَوَامِع من الْمسَائِل وَالْخلاف حاو لوجازة اللَّفْظ وَحسن الائتلاف مُحِيط بخلاصة كتابي (التسهيل) (والارتشاف) مَعَ مزِيد واف فائق الانسجام قريب من الأفهام وَأَسْأَلك النَّفْع بِهِ على الدَّوَام (ص): وينحصر فِي مُقَدمَات وَسَبْعَة كتب (ش): الْمُقدمَات فِي تَعْرِيف الْكَلِمَة وأقسامها وَالْكَلَام والكلم وَالْجُمْلَة وَالْقَوْل وَالْإِعْرَاب وَالْبناء والمنصرف وَغَيره والنكرة والمعرفة وأقسامها وَالْكتاب الأول: فِي الْعمد وَهِي المرفوعات وَمَا شابهها من مَنْصُوب النواسخ وَالثَّانِي: فِي الفضلات وَهِي المنصوبات وَالثَّالِث: فِي المجرورات وَمَا حمل عَلَيْهَا من المجزومات وَمَا يتبعهَا من الْكَلَام على أدوات التَّعْلِيق غير الجازمة وَمَا ضم إِلَيْهَا من بَقِيَّة حُرُوف الْمعَانِي وَالرَّابِع: فِي العوامل فِي هَذِه الْأَنْوَاع وَهُوَ الْفِعْل وَمَا ألحق بِهِ وَختم باشتغالها عَن معمولاتها وتنازعها فِيهَا
1 / 20
وَالْخَامِس: فِي التوابع لهَذِهِ الْأَنْوَاع وعوارض التَّرْكِيب الإعرابي من تَغْيِير كالإخبار والحكاية وَالتَّسْمِيَة وضرائر الشّعْر وَهَذِه الْكتب الْخَمْسَة فِي النَّحْو وَالسَّادِس فِي الْأَبْنِيَة وَالسَّابِع: فِي تغييرات الْكَلم الإفرادية كالزيادة والحذف والإبدال وَالنَّقْل والإدغام وَختم بِمَا يُنَاسِبه من خَاتِمَة الْخط وَهَذَا تَرْتِيب بديع لم أسبق إِلَيْهِ حذوت فِيهِ حَذْو كتب الْأُصُول وَفِي جعلهَا سَبْعَة مُنَاسبَة لَطِيفَة مَأْخُوذَة من حَدِيث ابْن حبَان وَغَيره إِن الله وتر يحب الْوتر أما ترى السَّمَوَات سبعا وَالْأَيَّام سبعا وَالطّواف سَبْعَة الحَدِيث
1 / 21
[الْكَلِمَة حَدهَا وأقسامها]
[الْكَلَام فِي الْمُقدمَات]
ص الْكَلِمَة قَول مُفْرد مُسْتَقل وَكَذَا منوي مَعَه على الصَّحِيح وَشرط قوم كَونه حرفين ش الْكَلِمَة لُغَة تطلق على الْجمل المفيدة قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَكلمَة الله هِيَ الْعليا﴾ التَّوْبَة ٤٠ أَي لَا إِلَه إِلَّا الله ﴿تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم أَلا نعْبد إِلَّا الله﴾ آل عمرَان ٦٤ ﴿كلا إِنَّهَا كلمة هُوَ قَائِلهَا﴾ الْمُؤْمِنُونَ ١٠٠ إِشَارَة إِلَى قَوْله ﴿رب ارْجِعُونِ﴾ الْمُؤْمِنُونَ ٩٩ وَمَا بعده فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ الْكَلِمَة الطّيبَة صَدَقَة وَأفضل كلمة قَالَهَا شَاعِر كلمة لبيد
(أَلا كلُّ شَيْء مَا خلا اللهَ باطِلُ ...)
وَهَذَا الْإِطْلَاق مُنكر فِي اصْطِلَاح النَّحْوِيين وَلذَا لَا يتَعَرَّض لذكره فِي كتبهمْ بِوَجْه كَمَا قَالَ ابْن مَالك فِي شرح التسهيل وَإِن ذكره فِي الألفية فقد
1 / 22
قيل إِنَّه من أمراضها الَّتِي لَا دَوَاء لَهَا وَقد اخْتلفت عباراتهم فِي حد الْكَلِمَة اصْطِلَاحا وَأحسن حُدُودهَا قَول مُفْرد مُسْتَقل أَو منوي مَعَه فَخرج بتصدير الْحَد بالْقَوْل غَيره من الدوال كالخط وَالْإِشَارَة وبالمفرد وَهُوَ مَا لَا يدل جزؤه على جُزْء مَعْنَاهُ الْمركب وبالمستقل أبعاض الْكَلِمَات الدَّالَّة على معنى كحروف المضارعة وياء النّسَب وتاء التَّأْنِيث وَألف ضَارب فَلَيْسَتْ بِكَلِمَات لعدم استقلالها وَمن أسقط هَذَا الْقَيْد رَأْي مَا جنح إِلَيْهِ الرضي من أَنَّهَا مَعَ مَا هِيَ فِيهِ كلمتان صارتا وَاحِدَة لشدَّة الامتزاج فَجعل الْإِعْرَاب على آخِره كالمركب المزجي وَلم أحتج إِلَى مَا زَاده فِي التسهيل من قَوْله دَال بِالْوَضْعِ مخرجا المهمل لتعبيره بِاللَّفْظِ الشَّامِل لذَلِك وذكري القَوْل الَّذِي يُخرجهُ لما سَيَأْتِي من أَنه الْمَوْضُوع لِمَعْنى وَلذَلِك عدلت إِلَيْهِ وَمَا قيل من أَن ذكر اللَّفْظ أولي لإِطْلَاق القَوْل على غَيره كالرأي مَمْنُوع لعدم تبادره إِلَى الأذهان إِذْ هُوَ مجَاز وَعدلت كاللباب إِلَى جعل الْإِفْرَاد صفة القَوْل عَن جعلهم إِيَّاه صفة الْمَعْنى حَيْثُ قَالُوا وَمِنْهُم ابْن الْحَاجِب وَأَبُو حَيَّان وضع لِمَعْنى مُفْرد لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ الرضي وَغَيره صفته فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا يكون صفة للمعنى بتبعية
1 / 23
اللَّفْظ وسلامته من الِاعْتِرَاض بِنَحْوِ الْخَبَر فَإِنَّهُ كلمة وَمَعْنَاهُ مركب وَهُوَ زيد قَائِم مثلا وَنَحْو ضرب فَإِنَّهُ كلمة وَمَعْنَاهُ مركب من الْحَدث وَالزَّمَان وقدمت الْمُعَرّف على الْمُعَرّف كصنع الْجُمْهُور لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْإِخْبَار عَنهُ وَعكس صَاحب اللب لتقدم الْمُعَرّف عقلا فَقدم وضعا وَمن قَالَ إِن اللَّام فِي الْكَلِمَة للْجِنْس الْمُقْتَضِي للاستغراق وَالتَّاء للوحدة فيتناقضان فقد سَهَا سَهوا ظَاهرا بل هِيَ للماهية والحقيقة وشملت الْعبارَة الْكَلِمَة تَحْقِيقا كزيد وتقديرا كَأحد جزأي الْعلم الْمُضَاف كَعبد الله فَإِن كلا مِنْهُمَا كلمة تَقْديرا إِذْ لَا تَأتي الْإِضَافَة إِلَّا فِي كَلِمَتَيْنِ وَإِن كَانَ مجموعهما كلمة تَحْقِيقا لعدم دلَالَة جزئه على جُزْء مَعْنَاهُ وَشَمل الْمَنوِي المستكن وجوبا كَأَنْت فِي قُم وجوازا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَبْحَث الْمُضمر وَخرج بِقَوْلِي مَعَه مَا نَوَاه الْإِنْسَان فِي نَفسه من الْكَلِمَات المفردة فَإِنَّهُ لَا يُسمى كلمة فِي اصطلاحهم لِأَنَّهُ لم ينْو مَعَ اللَّفْظ وَقَيده فِي التسهيل بقوله كَذَلِك قَالَ إِشَارَة إِلَى الِاسْتِقْلَال ليخرج الْإِعْرَاب الْمُقدر فَإِنَّهُ منوي مَعَ اللَّفْظ وَلَيْسَ بِكَلِمَة لعدم استقلاله وحذفته للْعلم بِهِ لِأَنَّهُ إِذا شَرط ذَلِك فِي اللَّفْظ الْمَوْجُود مَعَ قوته فَفِي الْمَنوِي أولى وَمُقَابل الصَّحِيح فِيهِ مَا نَقله أَبُو حَيَّان وَغَيره أَن صَاحب النِّهَايَة وَهُوَ ابْن الخباز منع تَسْمِيَة الضَّمِير المستكن اسْما قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُسمى كلمة وَذهب قوم إِلَى أَن شَرط الْكَلِمَة أَن تكون على حرفين فَصَاعِدا نَقله الإِمَام
1 / 24
فَخر الدّين الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره ومحصوله قَالَ ورد عَلَيْهِم بِالْبَاء وَاللَّام وَنَحْوهمَا مِمَّا هُوَ كلمة وَلَيْسَ على حرفين
[أَقسَام الْكَلِمَة]
ص فَإِن دلّت على معنى فِي نَفسهَا وَلم تقترن بِزَمَان فاسم أَو اقترنت فَفعل أَو فِي غَيرهَا بِأَن احْتَاجَت فِي إِفَادَة مَعْنَاهَا إِلَى اسْم أَو فعل أَو جملَة فحرف فَقَالَ ابْن النّحاس مَعْنَاهُ فِي نَفسه ش الْكَلِمَة إِمَّا اسْم وَإِمَّا فعل وَإِمَّا حرف وَلَا رَابِع لَهَا إِلَّا مَا سَيَأْتِي فِي مَبْحَث اسْم الْفِعْل من أَن بَعضهم جعله رَابِعا وَسَماهُ الخالفة وَالدَّلِيل على الْحصْر فِي الثَّلَاثَة الاستقراء وَالْقِسْمَة الْعَقْلِيَّة فَإِن الْكَلِمَة لَا تَخْلُو إِمَّا أَن تدل على معنى فِي نَفسهَا أَو لَا الثَّانِي الْحَرْف وَالْأول إِمَّا أَن يقْتَرن بِأحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة أَو لَا الثَّانِي الِاسْم وَالْأول الْفِعْل وَقد علم بذلك حد كل مِنْهَا بِأَن يُقَال الِاسْم مَا دلّ على معنى فِي نَفسه وَلم يقْتَرن بِزَمَان وَالْفِعْل مَا دلّ على معنى فِي نَفسه واقتران والحرف مَا دلّ على معنى فِي غَيره وَفِي فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة للسَّبَبِيَّة أَي دلّت على معنى بِسَبَب نَفسه لَا بانضمام غَيره إِلَيْهِ وبسبب غَيره أَي انضمامه إِلَيْهِ فالحرف مَشْرُوط فِي إِفَادَة مَعْنَاهُ الَّذِي وضع لَهُ انضمامه إِلَى غَيره من اسْم ك الْبَاء فِي مَرَرْت بزيد أَو فعل ك قد قَامَ أَو جملَة كحروف النَّفْي والاستفهام وَالشّرط وَقد يحذف الْمُحْتَاج إِلَيْهِ للْعلم بِهِ ك نعم وَلَا وك أَن قد وَأما
1 / 25
ذُو وَفَوق وَنَحْوهمَا وَإِن لم تذكر إِلَّا بمتعلقها فَلَيْسَ مَشْرُوطًا فِي إِفَادَة مَعْنَاهَا للْقطع بفهم معنى ذُو وَهُوَ صَاحب من لَفظه وَكَذَا فَوق وَإِنَّمَا شَرط ليتوصل بهَا إِلَى الْوَصْف بأسماء الْأَجْنَاس وب فَوق إِلَى علو خَاص وَقس على هَذَا وَقيل هِيَ للظرفية أَي معنى ثَابت فِي نَفسه وَفِي غَيره أَي حَاصِل فِيهِ ك من فِي نَحْو أكلت من الرَّغِيف فَإِنَّهَا تفِيد مَعْنَاهَا وَهُوَ التَّبْعِيض فِي الرَّغِيف وَهُوَ متعلقها بِخِلَاف زيد مثلا وَمن جعل الضَّمِير الْمُتَّصِل ب نفس وَغير رَاجعا للمعنى كَابْن الْحَاجِب فقد أبعد إِذْ لَا معنى لقولنا مَا دلّ على معنى بِسَبَب نفس الْمَعْنى أَو بِسَبَب غَيره أَو ثَابت فِيهِ أَو فِي غَيره أما الأول فَلِأَن الشَّيْء لَا يدل على مَعْنَاهُ بِسَبَب عين ذَلِك الْمَعْنى وَإِنَّمَا يدل عَلَيْهِ بِسَبَب وَضعه لَهُ وَدلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يَصح أَن يكون الشَّيْء ظرفا لنَفسِهِ وَالْمرَاد بِالزَّمَانِ حَيْثُ أطلق الْمعِين الْمعبر عَنهُ بالماضي وَالْحَال والاستقبال لشهرتها فِي هَذَا الْمَعْنى وَالْعبْرَة بِدلَالَة بِأَصْل الْوَضع فنحو مضرب الشول اسْم لِأَنَّهُ دَال على مُجَرّد الزَّمَان وَكَذَا الصبوح للشُّرْب فِي أول النَّهَار لِأَنَّهُ وَإِن أفهم معنى مقترنا بِزَمَان لكنه غير معِين وَكَذَا اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لِأَنَّهُمَا وَإِن دلا على الزَّمَان الْمعِين فدلالتهما عَلَيْهِ عارضة وَإِنَّمَا وضعا لذات قَامَ بهَا الْفِعْل وَكَذَلِكَ أَسمَاء الْأَفْعَال وَنَحْو نعم وَبئسَ وَعَسَى أَفعَال لوضعها فِي الأَصْل للزمان وَعرض لتجردها مِنْهُ وَمَا ذَكرْنَاهُ من أَن الْحَرْف لَا يدل على معنى فِي نَفسه هُوَ الَّذِي أجمع عَلَيْهِ النُّحَاة وَقد خرق إِجْمَاعهم الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس فَذهب فِي تَعْلِيقه على
1 / 26
المقرب إِلَى أَنه يدل على معنى فِي نَفسه قَالَ لِأَنَّهُ إِن خُوطِبَ بِهِ من لَا يفهم مَوْضُوعه لُغَة فَلَا دَلِيل فِي عدم فهم الْمَعْنى على أَنه لَا معنى لَهُ لِأَنَّهُ لَو خُوطِبَ بِالِاسْمِ وَالْفِعْل وَهُوَ لَا يفهم موضوعهما لُغَة كَانَ كَذَلِك وَإِن خُوطِبَ بِهِ من يفهمهُ فَإِنَّهُ يفهم مِنْهُ معنى عملا بفهمه مَوْضُوعه لُغَة كَمَا إِذا خُوطِبَ ب هَل من يفهم أَن موضوعها الِاسْتِفْهَام وَكَذَا سَائِر الْحُرُوف قَالَ وَالْفرق بَينه وَبَين الِاسْم وَالْفِعْل أَن الْمَعْنى الْمَفْهُوم مِنْهُ مَعَ غَيره أتم من الْمَفْهُوم مِنْهُ حَال الْإِفْرَاد بخلافهما فالمفهوم مِنْهُمَا فِي التَّرْكِيب عين الْمَفْهُوم مِنْهُمَا فِي الْإِفْرَاد انْتهى
[خَواص الِاسْم]
ص فالاسم من خواصه نِدَاء وَنَحْو يَا لَيْت تَنْبِيه وتنوين لَا فِي روى وحرف تَعْرِيف وَإِسْنَاده إِلَيْهِ وَتسمع بالمعيدي على حذف أَن أَو نزل منزلَة الْمصدر وَإِضَافَة وجر وحرفه وبنام صَاحبه على حذف الْمَوْصُوف وعود ضمير واعدلوا هُوَ على الْمصدر الْمَفْهُوم ومباشرة فعل وَهُوَ لعين أَو معنى اسْما أَو وَصفا وَمِنْه مَا سمي بِهِ أَو أُرِيد لَفظه كَلَوْ واللو وَزَعَمُوا مَطِيَّة الْكَذِب وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كنز ش للاسم خَواص تميزه عَن غَيره وعلامات يعرف بهَا وَذكر مِنْهَا هُنَا تِسْعَة أَحدهَا النداء وَهُوَ الدُّعَاء بحروف مَخْصُوصَة نَحْو يَا زيد وَإِنَّمَا اخْتصَّ بِهِ لِأَن الْمُنَادِي مفعول بِهِ فِي الْمَعْنى أَو فِي اللَّفْظ أَيْضا على مَا سَيَأْتِي والمفعولية لَا تلِيق بِغَيْر الِاسْم فَإِن أورد على ذَلِك نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ﴾ يس ٢٦ ﴿يَا ليتنا نرد﴾ الْأَنْعَام ٢٧ ﴿أَلا يسجدوا﴾ النَّمْل ٢٥ وَحَدِيث البُخَارِيّ يَا رب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية يَوْم الْقِيَامَة
1 / 27
حَيْثُ دخل فِيهِ يَا على رب وهما حرفان وعَلى اسجدوا وَهُوَ فعل فَالْجَوَاب أَن يَا فِي ذَلِك وَنَحْوه للتّنْبِيه لَا للنداء وحرف التَّنْبِيه يدْخل على غير الِاسْم وَقيل للنداء والمنادي مَحْذُوف أَي يَا قوم وَضَعفه ابْن مَالك فِي تَوْضِيحه بِأَن الْقَائِل لذَلِك قد يكون وَحده فَلَا يكون مَعَه منادى ثَابت وَلَا مَحْذُوف وَمن الْأَسْمَاء مَا لَا دَلِيل على اسميته إِلَّا النداء نَحْو يَا مكرمان وَيَا فل لِأَنَّهُمَا يختصان بالنداء الثَّانِي التَّنْوِين وَسَيَأْتِي حَده وأقسامه الْعشْرَة فِي خَاتِمَة الْكتاب الثَّالِث وَالَّذِي يخْتَص بِالِاسْمِ مِنْهُ مَا عدا الترنم والغالي اللاحقين لروي الْبَيْت وَهُوَ الْحَرْف الَّذِي تعزى لَهُ القصيدة فَإِنَّهُمَا لَا يختصان بِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنَّمَا اخْتصَّ الْبَاقِي بِهِ لِأَن التَّمْكِين فِيهِ للْفرق بَين المنصرف وَغَيره والتنكير للْفرق بَين النكرَة وَغَيرهَا والمقابلة إِنَّمَا يدْخل جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم والعوض إِنَّمَا يدْخل الْمُضَاف عوضا من الْمُضَاف إِلَيْهِ ولاحظ لغير الِاسْم فِي الصّرْف وَلَا التَّعْرِيف والتنكير وَلَا الْجمع وَلَا الْإِضَافَة فَإِن أورد على هَذَا نَحْو قَول الشَّاعِر ١ -
(ألامُ على لَوٍّ وَلَو كنت عَالما ... بأذناب لَوّ لم تَفتْني أوائِلُهْ)
حَيْثُ أَدخل التَّنْوِين على لَو وَهُوَ حرف فَالْجَوَاب أَن لَو هُنَا اسْم علم للفظة لَو وَلذَلِك شدد آخرهَا وأعرب ودخلها الْجَرّ وَالْإِضَافَة كَمَا سَيَأْتِي ذَلِك فِي مَبْحَث التَّسْمِيَة الثَّالِث حرف التَّعْرِيف إِذْ لاحظ لغي الِاسْم فى التَّعْرِيف وَالتَّعْبِير بذلك أحسن من التَّعْبِير ب أل لشُمُوله لَهَا وللام على قَول من يَرَاهَا وَحدهَا الْمعرفَة ول أم فِي لُغَة طئ ولسلامته من وُرُود أل الموصولة وَأما قَوْله
إياك واللو فَإِن اللو تفتح عمل الشَّيْطَان رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ ابْن مَاجَه وَغَيره فَالْجَوَاب عَنهُ كَمَا سبق فِي الْكَلَام على لَو
1 / 28
الرَّابِع الْإِسْنَاد إِلَيْهِ وَهُوَ أَنْفَع علاماته إِذْ بِهِ تعرف اسمية التَّاء من ضربت والإسناد تَعْلِيق خبر بمخبر عَنهُ أَو طلب بمطلوب مِنْهُ ولشموله الْقسم الثَّانِي دون الْإِخْبَار عبرت بِهِ دونه وَسَوَاء الْإِسْنَاد الْمَعْنَوِيّ واللفظي كَمَا حَقَّقَهُ ابْن هِشَام وَغَيره وَغلط فِيهِ ابْن مَالك فِي شرح التسهيل حَيْثُ جعل الثَّانِي صَالحا للْفِعْل والحرف كَقَوْلِك ضرب فعل مَاض وَمن حرف جر ورد بِأَنَّهَا هُنَا اسمان مجردان عَن مَعْنَاهُمَا الْمَعْرُوف لإِرَادَة لَفْظهمَا وَلِهَذَا يحكم على موضعهما بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء فَضرب هُنَا مثلا اسْم مُسَمَّاهُ ضرب الدَّال على الْحَدث وَالزَّمَان وَقد صرح ابْن مَالك نَفسه فِي الكافية باسمية مَا أخبر عَن لَفظه حَيْثُ قَالَ
(وَإِن نسبتَ لأداةٍ حكمَا ... فَابْن أَو اعربْ واجعلنْها اسْما)
وَفِي شرح أَوسط الْأَخْفَش لمبرمان إِذا قلت هَل حرف اسْتِفْهَام فَإِنَّمَا جِئْت باسم الْحَرْف وَلم تأت بِهِ على مَوْضِعه وَهَذَا مَعَ مَا تقدم فِي الْكَلَام على لَو معنى قولي وَمِنْه مَا سمي بِهِ أَو أُرِيد لَفظه وعَلى الثَّانِي يتَخَرَّج قَول الْعَرَب زَعَمُوا مَطِيَّة الْكَذِب وَحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كنز من كنوز الْجنَّة حَيْثُ أسْند إِلَى الْجُمْلَة الفعلية فِي الأول وللاسمية فِي الثَّانِي فَالْمَعْنى فِي الأول هَذَا اللَّفْظ مَطِيَّة الْكَذِب أَي يقدمهُ الرجل أَمَامه كَلَامه ليتوصل بِهِ إِلَى غَرَضه من نِسْبَة الْكَذِب إِلَى القَوْل المحكي كَمَا يركب الرجل فِي مسيره إِلَى بلد مَطِيَّة ليقضي عَلَيْهَا حَاجته وَفِي الثَّانِي هَذَا اللَّفْظ كنز من كنوز الْجنَّة أَي كالكنز فِي نفاسته وصيانته عَن أعين النَّاس
1 / 29
فَإِن قلت فَمَا تصنع بقوله تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ فَإِن الْإِسْنَاد وَقع فِيهِ إِلَى تسمع وَهُوَ فعل وَلم يرد لَفظه فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه مَحْمُول على حذف أَن أَي أَن تسمع وهما فِي تَأْوِيل الْمصدر أَي سماعك فالإسناد فِي الْحَقِيقَة إِلَيْهِ وَهُوَ اسْم كَمَا هُوَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَن تعفوا أقرب للتقوى﴾ الْبَقَرَة ٢٣٧ ﴿وَأَن تَصُومُوا خير لكم﴾ الْبَقَرَة ١٨٤ وَنَظِيره فِي حذف أَن قَوْله
(أَلا أيُّهذا اللاّئمى أحْضُرُ الوغى ... وَأَن أشهدَ اللَّذَّاتِ هَل أَنْت مُخْلِدي)
1 / 30
فِيمَن رَوَاهُ بِرَفْع أحضر فَإِنَّهُ حذف مِنْهُ أَن لقَرِينَة ذكرهَا فِي الْمَعْطُوف ليَصِح عطفه عَلَيْهِ وَإِلَّا لزم عطف مُفْرد على جملَة وَهُوَ مَمْنُوع أما من رَوَاهُ بِالنّصب فَهُوَ على إِضْمَار أَن لَا حذفهَا والمضمر فِي قُوَّة الْمَذْكُور وَالثَّانِي أَنه مِمَّا نزل فِيهِ الْفِعْل منزلَة الْمصدر وَهُوَ سماعك لِأَنَّهُ مَدْلُول الْفِعْل مَعَ الزَّمَان فَجرد لأحد مدلوليه كَمَا فِي قَوْله ٤ -
(فَقَالُوا مَا تَشَاءُ فَقلت: ألهو ...)
فَإِنَّهُ نزل فِيهِ ألهو منزلَة اللَّهْو ليَكُون مُفردا مطابقا للمسؤول عَنهُ الْمُفْرد وَهُوَ مَا فِي مَا تشَاء وَلم يحمل على حذف أَن كَمَا فِي الْبَيْت السَّابِق لِأَن قَوْله مَا تشَاء سُؤال عَمَّا يَشَاء فِي الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال وَلَو حمل على حذفهَا لَكَانَ مُسْتَقْبلا فَلَا يُطَابق السُّؤَال وَاعْترض بِجَوَاز أَن يُرَاد أَشَاء فِي الْحَال اللَّهْو فِي الِاسْتِقْبَال وَدفع بِأَن قَوْله فِي تَمَامه
(إِلَى الإصباح آثرَ ذِي أثير ...)
يمْنَع ذَلِك الْخَامِس الْإِضَافَة أَي كَونه مُضَافا أَو مُضَافا إِلَيْهِ وَأما نَحْو ﴿يَوْم ينفع الصَّادِقين﴾ الْمَائِدَة ١١٩ فَإِن الْفِعْل فِيهِ مَوضِع الْمصدر السَّادِس وَالسَّابِع الْجَرّ وحرفه وَإِنَّمَا اخْتصَّ بِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دخل الْكَلَام ليعدي إِلَى الْأَسْمَاء معنى الْأَفْعَال الَّتِي لَا تتعدى بِنَفسِهَا إِلَيْهَا لاقتضائها معنى ذَلِك
1 / 31
الْحَرْف فَامْتنعَ دُخُولهَا إِلَّا على اسْم بعد فعل لفظا أَو تَقْديرا وَإِذا امْتنع دُخُول عَامل الْجَرّ على كلمة امْتنع الْجَرّ الَّذِي هُوَ أَثَره فَإِن أورد على هَذَا نَحْو قَول الشَّاعِر ٥ -
(وَالله مَا لَيْلِي بنَامَ صاحبُهْ ... وَلَا مخالطِ اللّيَان جانِبُهْ)
1 / 32
حَيْثُ أَدخل الْبَاء على نَام وَهُوَ فعل بِاتِّفَاق فَالْجَوَاب أَنه على حذف الْمَوْصُوف أَي بلَيْل نَام صَاحبه الثَّامِن عود ضمير عَلَيْهِ وَبِه اسْتدلَّ على اسمية مهما لعود الْهَاء عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿مهما تأتنا بِهِ﴾ الْأَعْرَاف ١٣٢ وَمَا التعجبية لعود ضمير الْفَاعِل المستكن عَلَيْهَا فِي نَحْو مَا أحسن زيدا وأل الموصولة لعوده عَلَيْهَا فِي قَوْلهم قد أَفْلح المتقي ربه فَإِن أورد على هَذَا نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى﴾ الْمَائِدَة ٨ حَيْثُ عَاد الضَّمِير إِلَى فعل الْأَمر فَالْجَوَاب أَنه عَائِد على الْمصدر الْمَفْهُوم مِنْهُ وَهُوَ الْعدْل لَا على الْفِعْل نَفسه التَّاسِع مُبَاشرَة الْفِعْل أَي وَلَاؤُه من غير فاصل وَبِذَلِك اسْتدلَّ على اسمية كَيفَ قَالَ تَعَالَى ﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك﴾ الْفِيل ١ وَبِه اسْتدلَّ الرياشي على اسمية إِذا فِي قَوْله أَلْقَاك إِذا خرج زيد ثمَّ نبهت على أَن الِاسْم يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام اسْم عين وَهُوَ مَا دلّ على الذَّات بِلَا قيد كزيد وَرجل وَاسم معنى وَهُوَ مَا دلّ على غير الذَّات بِلَا قيد كقيام وقعود وَوصف عين وَهُوَ مَا دلّ على قيد فِي الذَّات كقائم وقاعد وَوصف معنى وَهُوَ مَا دلّ على قيد فِي غير الذَّات كجلي وخفي وَقد يَصح الِاسْم لَهما كبعض الْمُضْمرَات وَالْوَصْف كنافع وضار وَالْمرَاد بِالِاسْمِ هُنَا قسيم الْوَصْف لَا قسيم الْفِعْل والحرف وَلَا قسيم الكنية واللقب وبالمعنى قسيم الذَّات لَا الْمَعْنى الْمَذْكُور فِي أَقسَام الْكَلِمَة السَّابِق فَإِنَّهُ أَعم
1 / 33
وَقَوْلِي وَمِنْه مَا سمي بِهِ إِلَخ فِيهِ لف وَنشر مُرَتّب فالمثلان الْأَوَّلَانِ لما سمي بِهِ والأخيران لما أُرِيد لَفظه فَائِدَة قَوْلهم زَعَمُوا مَطِيَّة الْكَذِب لم أَقف عَلَيْهِ فِي شَيْء من كتب الْأَمْثَال وَذكر بَعضهم أَنه رُوِيَ مَظَنَّة الْكَذِب بالظاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن صَفْوَان بن عَمْرو الكلَاعِي قَالَ بئس مَطِيَّة الْمُسلم زَعَمُوا إِنَّمَا زَعَمُوا مَطِيَّة الشَّيْطَان وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات من طَرِيق الْأَعْمَش عَن شُرَيْح القَاضِي قَالَ زَعَمُوا كنية الْكَذِب
[أَقسَام الْفِعْل]
ص وَالْفِعْل مَاض إِن دخله تَاء فَاعل أَو تَاء تَأْنِيث سَاكِنة وَأمر إِن أفهم الطّلب وَقبل نون توكيد وَهُوَ مُسْتَقْبل وَقد يدل عَلَيْهِ بالْخبر وَعَكسه ومضارع إِن بُدِئَ بِهَمْزَة مُتَكَلم فَردا أَو نونه مُعظما أَو جمعا أَو تَاء مُخَاطب مُطلقًا أَو غَائِبَة أَو غائبتين أَو يَاء غَائِب مُطلقًا أَو غائبات ش الْفِعْل ثَلَاثَة أَقسَام خلافًا للكوفيين فِي قَوْلهم قِسْمَانِ وجعلهم الْأَمر مقتطعا من الْمُضَارع وَذكرت مَعَ كل قسم علامته لِأَنَّهُ أبلغ فِي الِاخْتِصَار أَحدهَا الْمَاضِي ويتميز بتاء الْفَاعِل سَوَاء كَانَت لمتكلم أم لمخاطب وبتاء التَّأْنِيث الساكنة وَإِنَّمَا اخْتصَّ بهَا لاستغناء الْمُضَارع عَنْهَا بتاء المضارعة واستغناء الْأَمر بياء المخاطبة وَالِاسْم والحرف بِالتَّاءِ المتحركة قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَقد انْفَرَدت التَّاء الساكنة بلحاقها نعم وَبئسَ كَمَا انْفَرَدت تَاء الْفَاعِل بلحاقها تبَارك ورد الْأَخير بِجَوَاز أَن يُقَال تَبَارَكت أَسمَاء الله الثَّانِي الْأَمر وخاصته أَن يفهم الطّلب وَيقبل نون التوكيد فَإِن أفهمته كلمة وَلم تقبل النُّون فَهِيَ اسْم فعل نَحْو صه أَو قبلتها وَلم تفهمه فَفعل مضارع
1 / 34
وَالْأَمر مُسْتَقْبل أبدا لِأَنَّهُ مَطْلُوب بِهِ حُصُول مَا لم يحصل أَو دوَام مَا حصل نَحْو ﴿يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله﴾ الْأَحْزَاب ١ قَالَ ابْن هِشَام إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ الْخَبَر نَحْو ارْمِ وَلَا حرج فَإِنَّهُ بِمَعْنى رميت وَالْحَالة هَذِه وَإِلَّا لَكَانَ أمرا لَهُ بتجديد الرَّمْي وَلَيْسَ كَذَلِك وَقد يدل على الْأَمر بِلَفْظ الْخَبَر نَحْو ﴿والوالدات يرضعن﴾ الْبَقَرَة ٢٣٣ ﴿والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ﴾ الْبَقَرَة ٢٢٨ كَمَا يدل على الْخَبَر بِلَفْظ الْأَمر نَحْو ﴿فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا﴾ مَرْيَم ٧٥ أَي فيمد الثَّالِث الْمُضَارع ويميزه افتتاحه بِأحد الأحرف الْأَرْبَعَة الْهمزَة وَالنُّون وَالتَّاء وَالْيَاء والتمييز بهَا أحسن من التَّمْيِيز ب سَوف وَأَخَوَاتهَا للُزُوم تِلْكَ وَعدم لُزُوم هَذِه إِذْ لَا تدخل على أهاء وأهلم فالهمزة للمتكلم مُفردا نَحْو أكْرم وَالنُّون لَهُ جمعا أَو مُفردا مُعظما نَفسه نَحْو ﴿نَحن نقص﴾ يُوسُف ٣ والكهف ١٣ وَالتَّاء للمخاطب مُطلقًا مُفردا كَانَ أَو مثنى أَو مجموعا مذكرا أَو مؤنثا للغائبة والغائبتين وَالْيَاء للْغَائِب مُطلقًا مُفردا أَو مثنى أَو مجموعا وللغائبات وَاحْترز من همزَة وَنون وتاء وياء لَا تكون كَذَلِك كأكرم ونرجس الدَّوَاء إِذا جعل فِيهِ نرجسا وَتكلم ويرنأ الشيب خضبه باليرناء وَهُوَ الْحِنَّاء
1 / 35
٠ -[الْمُضَارع]
ص وَهُوَ صَالح للْحَال والاستقبال خلافًا لمن خصّه بِأَحَدِهِمَا ثمَّ الْمُخْتَار حَقِيقَة فِي الْحَال وَثَالِثهَا فيهمَا ش فِي زمَان الْمُضَارع خَمْسَة أَقْوَال أَحدهَا أَنه لَا يكون إِلَّا للْحَال وعليهه ابْن الطراوة قَالَ لِأَن الْمُسْتَقْبل غير مُحَقّق الْوُجُود فَإِذا قلت زيد يقوم غَدا فَمَعْنَاه يَنْوِي أَن يقوم غَدا الثَّانِي أَنه لَا يكون إِلَّا للمستقبل وَعَلِيهِ الزّجاج وَأنكر أَن يكون للْحَال صِيغَة لقصره فَلَا يسع الْعبارَة لِأَنَّك بِقدر مَا تنطق بِحرف من حُرُوف الْفِعْل صَار مَاضِيا وَأجِيب بِأَن مُرَادهم بِالْحَال الْمَاضِي غير الْمُنْقَطع لَا الْآن الْفَاصِل بَين الْمَاضِي والمستقبل الثَّالِث وَهُوَ رَأْي الْجُمْهُور وسيبويه أَنه صَالح لَهما حَقِيقَة فَيكون مُشْتَركا بَينهمَا لِأَن إِطْلَاقه على كل مِنْهُمَا لَا يتَوَقَّف على مسوغ وَإِن ركب بِخِلَاف إِطْلَاقه على الْمَاضِي فَإِنَّهُ مجَاز لتوقفه على مسوغ الرَّابِع أَنه حَقِيقَة فِي الْحَال مجَاز فِي الِاسْتِقْبَال وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَابْن أبي
1 / 36
ركب وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي بِدَلِيل حلمه على الْحَال عِنْد التجرد من الْقَرَائِن وَهَذَا شَأْن الْحَقِيقَة وَدخُول السِّين عَلَيْهِ لإِفَادَة الِاسْتِقْبَال وَلَا تدخل الْعَلامَة إِلَّا على الْفُرُوع كعلامات التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث الْخَامِس عَكسه وَعَلِيهِ ابْن طَاهِر لِأَن أصل أَحْوَال الْفِعْل أَن يَبْكُونَ منتظرا ثمَّ حَالا ثمَّ مَاضِيا فالمستقبل أسبق فَهُوَ أَحَق بالمثال ورد بِأَنَّهُ لَا يلْزم من سبق الْمَعْنى سبقية الْمِثَال
[للمضارع أَربع حالات]
ص ويرجح الْحَال مُجَردا وَيتَعَيَّن ب الْآن وَنَحْوه وَلَيْسَ وَمَا وَإِن وَلَام الِابْتِدَاء عِنْد الْأَكْثَر والاستقبال بظرفه وَإِسْنَاده لمتوقع وَكَونه طلبا أَو وَعدا مَعَ توكيد وترج ومجازاة وناصب خلافًا لبَعْضهِم مُطلقًا وللسهيلي فِي أَن وَلَو مَصْدَرِيَّة وحرف تَنْفِيس لَا لَام قسم وَلَا نَافِيَة فِي الْأَصَح وينصرف للمضي ب لمَم وَلما وَقيل كَانَ مَاضِيا فغيرت صيغته وَلَو للشّرط وَإِذ وَرُبمَا وَقد للتقليل وَكَونه خبر بَاب كَانَ قيل وَلما الجوابية وَمَا عطف عَلَيْهِ أَو عطف على حَال أَو مُسْتَقْبل أَو مَاض فكهو ش للمضارع أَربع حالات أَحدهمَا أَن يتَرَجَّح فِيهِ الْحَال وَذَلِكَ إِذا كَانَ مُجَردا لِأَنَّهُ لما كَانَ لكل من الْمَاضِي والمستقبل صِيغَة تخصه وَلم يكن للْحَال صِيغَة تخصه جعلت دلَالَته على
1 / 37
الْحَال راجحة عِنْد تجرده من الْقَرَائِن جبرا لما فَاتَهُ من الِاخْتِصَاص بِصِيغَة وَعلله الْفَارِسِي بِأَنَّهُ إِذا كَانَ لفظ صَالحا للأقرب والأبعد فَالْأَقْرَب أَحَق بِهِ وَالْحَال أقرب من الْمُسْتَقْبل وَالثَّانِي أَن يتَعَيَّن فِيهِ الْحَال وَذَلِكَ إِذا اقْترن ب الْآن وَمَا فِي مَعنا ك الْحِين والساعة وآنفا أَو نفي ب لَيْسَ أَو مَا أَو إِن لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة لنفي الْحَال أَو دخل عَلَيْهِ لَام الِابْتِدَاء هَذَا قَول الْأَكْثَر فِي الْجَمِيع وَزعم بَعضهم أَنه يجوز بَقَاء المقرون ب الْآن وَنَحْوه مُسْتَقْبلا لاقتران ذَلِك بِالْأَمر وَهُوَ لَازم الِاسْتِقْبَال نَحْو ﴿فَالْآن باشروهن﴾ الْبَقَرَة ١٨٧ وَأجِيب بِأَن اسْتِعْمَالهَا فِي الْمُسْتَقْبل والماضي مجَاز وَإِنَّمَا تخلص للْحَال إِذا اسْتعْملت على حَقِيقَتهَا وَزعم ابْن مَالك أَن الْمَنْفِيّ بِالثَّلَاثَةِ قد يكون مُسْتَقْبلا على قلَّة قَالَ حسان
(وَلَيْسَ يَكُون - الدّهرَ - مَا دَامَ يّذْبُلُ ...)
وَقَالَ تَعَالَى ﴿قل مَا يكون لي أَن أبدله من تِلْقَاء نَفسِي إِن أتبع إِلَّا مَا يُوحى إِلَيّ﴾ يُونُس ١٥ وَأجِيب بِأَن الْكَلَام إِذا لم يكن قرينَة تصرفه إِلَى الِاسْتِقْبَال لفظية أَو معنوية وَزعم ابْن أبي الرّبيع وَابْن مَالك أَن لَام الِابْتِدَاء تُوجد مَعَ الْمُسْتَقْبل قَلِيلا نَحْو ﴿وَإِن رَبك ليحكم بَينهم يَوْم الْقِيَامَة﴾ النَّحْل ١٢٤ ﴿إِنِّي ليحزنني أَن تذْهبُوا بِهِ﴾ يُوسُف ١٣ ف يحزن مُسْتَقْبل لإسناده إِلَى متوقع
1 / 38