ولرهط حراب وقد سورة فى المجد ليس غرابها بمطار
وحراب وقد رجلان من بنى إسرائيل. وسورة منزلة رفعية. وقوله ليس غرابها بمطار، كناية عن كثرة الرهطين، ودوام المجد لهما فإن النبات إذا كثر فى موضع لا يطير غرابه، لأن الغراب إذا وقع فى موضع الخصب أصاب فيه ما لا يحتاج معه إلى أن ينتقل منه إلى مكان آخر، أو كناية عن كثرة الثمار المكنى بها عن عمار الموضع والبقاء فيه، وقيل من السورة بمعنى مطلق المنزلة والمرتبة لا من حيث كونها مرتفعة. ولو كانت السورة عالية الشأن أو من المنزلة والمرتبة من حيث إن القارئ يرتقى فيها أو لأن لها مرتب فى الطول والقصر والفضل والشرف وثواب القراءة وقد علمت أن السورة فى البيتين المنزلة والرتبة.
وقيل سميت سورة لتركيب بعضها على بعض، من التسور بمعنى التصاعد والتركب، ومنه
إذا تسوروا المحراب
ويجوز أن تكون الواو بدلا من الهمزة من السؤرة التى هي البقية والقطعة من الشىء، يقال أسأرت أى أفضلت وأبقيت من الشراب أو الطعام أو غيرها، وسورة البناء القطعة منه بعد الأخرى، وبعضهم يهمز الواو. وحكمة جعل القرآن سورا. تحقيقا كون السورة تجردها معجزة وآية من آيات الله عز وجل، والإشارة إلى أن كل سورة طريق مستقل فى نوعه. فسورة يوسف تترجم عن قصته. وسورة براءة تترجم عن أحوال المنافقين وأسرارهم والتنبيه على أن الطول ليس من شرط الإعجاز إذ كان منه طوال وقصار وأوساط، وكلها معجز، وهذه سورة الكوثر ثلاث آيات، وهى معجزة إعجاز سورة البقرة، فلو تفاوت الإعجاز بالطول والقصر والتوسط لأمكن لهم أن يأتوا بمعجز قصيرا وكادوا يأتون به، ولا يمكن لهم ذلك أبدا ولو اجتمع الخلق.. فافهم. وتدريج الأطفال من السور القصار إلى الأوساط والطوال وكذا الضعفاء فى الحفظ من الرجال والنساء والعبيد والعجم تيسيرا من الله على عباده لحفظ كتابه، وتنشيطا على الحفظ والدرس والتعليم والتعلم وتطرية وتجديدا
لكل جديد لذة غير أننى وجدت جديد الموت غير لذيذ
ولذلك جزءوه أرباعا وأحزابا وغير ذلك، فكيون متناوله كمسافر، إذا قطع ميلا أو فرسخا استراحت نفسه إليه وانتشطت لما بعده. فلو جهل ذلك لضاق ذرعا بما هو فيه من المشقة. وبما بقى له منها لجهله به إلا أن عرف كم يوم أو كم مرحلة، فقد يستريح بعدد الأيام والمراحل، ولذلك المعنى بوبنا تأليفنا وترجمنا بها. وأيضا الجنس إذا انطوت تحته أنواع، واشتمل على أصناف، كان أحسن من أن يكون ضربا واحدا. وتنويعه منصور بجعله سورا وإذا ختم المتعلم السورة حافظا لها اعتقد أنه فاز بطائفة من كتاب الله، مستقلة بنفسها، لها مبدأ ومختم فيعظم عنده ذلك، ويغتبط به كفوز من ظفر بكنز وفرحه. وقال أنس كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا، ولذا كانت القراءة فى الصلاة بسورة تامة أفضل. وأيضا التفضيل سبب تلاحق الأشكال والنظائر وملاءمة بعضها لبعض. وبذلك تتلاحق المعانى والتراكيب، وكذلك سائر كتب الله قد جعلها الله سورا. لذلك أخرج بن أبى حاتم عن قتادة كنا نتحدث أن الزبور مائة وخمسون سورة كلها مواعظ وثناء، ليس فيه حلال ولا حرام، ولا فرائض ولا حدود. وذكروا أن فى الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال، وليس كما قال الزركشى إن سائر كتب الله غير مسور. بل سورة القرآن لأنها لم تكن معجزة من جهة التركيب والترتيب.
ولأنها لم تنشر للحفظ. والله علم. و { من مثله } متعلق بمحذوف نعت لسورة. والهاء عائدة لما نزلنا. ومن للتبعيض أو للتبيين، أى بسورة ثابتة بعضا من جنس الكلام الذى يماثله، وهو الكلام الذى يقدر عليه الله لا غيره، وليس من القرآن ولا من سائر كتبه أو بعضا من جنس كلام البشر الذى يماثله، لو كان بعض كلامهم مماثلا له، لكنه لم يماثلة بعضه ولا كله أو بسورة من مثله. ومن أجاز زيادة من فى الإثبات كالأخفش أجاز جعلها صلة للتأكيد فيكون مثله نعتا لسورة، أى فأتوا بسورة مماثله له، ووجه الشبه البلاغة وحسن النظم، أعنى حسن التركيب. ويجوز أن تكون الهاء لعبدنا، فتكون من للابتداء أى بسورة كائنة من مثل عبدنا، أو صادرة من مثله، أو مخترعة من مثله. ووجه الشبه كونه أميا لا يكتب ولا يقرأ كتابة ولم يتعلم العلم، وإن قلت فهل يجوز أن تكون للابتداء مع كون الهاء لما نزلنا؟ قلت لا يجوز لأنه يلزم من كونها للابتداء مع كون الهاء لما نزلنا أن يكون للقرآن مثل محقق موجود، وإنما عجزوا عن الإتيان به وليس كذلك، ولأن كلمة من على ذلك ليست بيانية ولا تبعيضية، لأن الإنسان لا يكون سورة ولا بعض قرآن. وليست صالحة لمعنى من معانيها ولا يتخيل إلا الابتداء وهو ضعيف كضعفه فى قولك أتيت من الدراهم بدرهم، لأن الكل فيه يكون مبتدأ للإتيان بما هو بعض منه، بخلاف ما إذا لم يكن ذلك فإنه حسن قوى، نحو أتيت من زيد بشعر، ويجوز أن تكون للابتداء متعلقة بقوله { فأتوا } والهاء للعبد وما ذكرته أولا من كون الهاء للعبد أحسن لأنه المطابق لقوله فى سورة هود
فأتوا بسورة مثله
دون { من } ومعلوم أن السورة لا تكون مثل النبى - صلى الله عليه وسلم - ولو جعلنا الهاء للعبد لكان المعنى فأتوا بسورة مماثلة له، ولأنه المطابق أيضا لسائر آيات التحدى، ولأن الكلام فى المنزل وهو القرآن لا فى المنزل عليه وهو العبد المذكور - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى { وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا } ولم يقل وإن كنتم فى ريب من أن محمدا منزل عليه، فحق الكلام أن لا ينفك عن ذكر المنزل ليتسق التركيب والترتيب، فإن المعنى وإن ارتبتم فى أن القرآن منزل من عند الله فأتوا بشىء مما يماثله، ولو كان الضمير للمنزل عليه لقيل وإن ارتبتم فى أن محمدا منزل عليه فأتوا بقرآن من مثله، ولأن مخاطبة الكثير بأن يأتوا بقليل مما أتى به واحد منهم، هو وهم سواء فى العشيرة، وعدم الكتابة، وعدم قراءتها، وعدم التعلم، أبلغ فى التحدى، من أن يقال لهم ليأت مثل هذا العبد بمثل ما أتى هذا العبد، ولأن القرآن معجز فى نفسه لا بالنسبة إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى
अज्ञात पृष्ठ