إذا لم نجدْ فيكَ من مَغْمَز ... سَلَكنا إليكَ طريقَ الكذبْ
فلولا الإلهُ ولولا النَّبيُّ ... ولولا الوصيُّ رأيتَ العَجَبْ
وقال أعرابيّ في ابن عمّ له كان قد اعتزل النَّاس:
أحبُّ شيءٍ أنْ يكونَ لَهُ ... حُلقُومُ وادٍ لهُ في جوفِهِ غارُ
لا تعرفُ الريحُ ممْساهُ ومَصْبَحَهُ ... ولا تُشَبُّ إذا أمسَى لهُ نارُ
لا يحلبُ الضَّرعَ يومًا في الإناءِ ولا ... تُرَى له في نواحِي الصَّحنِ آثارُ
وقال آخر:
رغيفُ سعيدٍ عندَهُ عِدْلُ نفسِهِ ... يُرقِّصُهُ طورًا وطورًا يُلاعبُهْ
ويَحمله في حِضْنه ويشُمُّه ... وينصبُهُ قُدَّامَهُ ويُخاطبُهْ
ويبكِي عليهِ إنْ شَكَا الجوعَ أهلُهُ ... وإن كَسَروهُ قامَ بالويلِ نادِبُهْ
وإنْ مرَّ مسكينٌ علَى بابِ دارِهِ ... فقدْ ثكِلَتْهُ أُمَّهُ وأقاربُهْ
يُصَبُّ عليهِ البولُ من كلِّ جانبٍ ... ويُخْضَدُ ساقاه ويُنتَفُ شاربُهْ
رأَى الصَّيفَ مكتوبًا فظنَّ بأنَّهُ ... لتَصْحيفِهِ ضيفٌ فقامَ يُواثبُهْ
وقال نهار بن توسعة يهجو قتيبة بن مسلم:
كانتْ خُراسانُ دارًا إذْ يَزيدُ بها ... وكلُّ بابٍ من الخيراتِ مفتوحُ
فبُدِّلتْ قَتَبًا جَعْدًا أناملُهُ ... كأنَّما وجهُهُ بالخَلِّ منضُوحُ
وقال آخر:
إنَّ أبا أيُّوبَ في فعلِهِ ... مُؤيَّدٌ بالحُجَجِ البالغَهْ
ليسَ لهُ عيبٌ سوَى أنَّه ... يدهَنُ من قارورةٍ فارغَهْ
وقال شهيد بن الحسين البلخي:
يا مَنْ رأَى حَرَجًا عليهِ رِعايتِي ... لمَّا استَبَانَ لهُ عظيمُ كفايتِي
أيقنتُ أنِّي في مديحكَ كاذبٌ ... فلذاكَ لم يُعجبكَ حُسنُ روايتِي
سَخَّى بنفسِي أنَّني لا ألتَقِي ... إلاَّ بمنْ يَشكوكَ مثلَ شِكايتِي
وقال آخر:
كأنِّي إذْ أتيتُكَ مُستميحًا ... بمرأى من النَّاسِ في رمضانَ أزْنِي
فإنْ أكُ أبتُ منكَ بلا نوالٍ ... فلا تفرحْ فذلكَ كانَ ظنِّي
وقال آخر:
سقيًا لأبهر، لولا من يحل بها ... من روضة غنيت فيها الأزاهيرُ
غناء ما شءت من ماءٍ ومن شجرٍ ... لكنها جنةٌ فيها خنازيرُ
وقال محمد بن محمد بن عروس:
خَنازيرُ نامُوا عن المكرُماتِ ... فأنبههُمْ قَدَرٌ لمْ يَنَمْ
فيَا قبحَهُمْ في الَّذي خُوِّلوا ... ويا حُسنَهمْ في زوالِ النّعَمْ
أيضًا له:
يَتكاتَبونَ فمُخْطِئ بادِي العَمَى ... ومقصِّرٌ عن كلِّ لفظٍ نادِرِ
وكأنَّما أقلامُهُمْ بأكفّهمْ ... أعوادُ مِنْدَفَةٍ لعُودِ النَّاقِرِ
وقال آخر:
أطارَ المكثُ في بغدادَ نومِي ... وقد يشقَى المسافرُ أوْ يَفوزُ
غدوتُ بها علَى كرهِي مقيمًا ... كعِنِّينٍ تُضاجعهُ عَجوزُ
أنشدني أبو الحسن الواصلي الكاتب:
عذبَ الله جَرْجَرايَا بنارٍ ... ورَماهَا بالطّعنِ والطَّاعونِ
فبها بِعْتُ قُبَّةَ الخيشِ في الصَّي ... فِ وبعتُ الكانُونَ في كانونِ
وأنشدني العلاء بن الحسن الخزرجي:
سمعتُ ورائِي بالمحَصَّبِ من منًى ... كلامًا رقيقًا خلفَ سِترٍ إلى جَنبِي
فلمَّا بَدَتْ كبَّرتُ من قُبْحِ وجهِها ... وقلتُ لها السَّاجُورُ خيرٌ من الكلبِ
وقال منصور بن أبي منصور
يا مَنْ أنافَ بلحيةٍ تَيسيَّةٍ ... بدَّلتَنَا بالوردِ شوكَ العَوْسجِ
قدْ كنتَ تُؤْنِسُنا بطلعةِ كوكبٍ ... فالآنَ تُوحشُنا بلحيةِ مَوْسَجِ
وقال البحتريّ:
وأسْلَمَني الزَّمانُ إلى أُناسٍ ... وجوهُهُمُ وأيديهم حديدُ
لهمْ حُلَلٌ حَسُنَّ فهنَّ بِيضٌ ... وأفعالٌ سَمُجْنَ فهنَّ سُودُ
وأخلاقُ البِغالِ فكلّ يومٍ ... يعِنُّ لبعضِهم خُلُقٌ جديدُ
وممَّن تخلّص إلى الهجاء حسَّان بن ثابت:
إنْ كنتِ كاذبتِي الَّتي حَدَّثتِني ... ونجوتِ منجَى الحارِثِ بنِ هشامِ
تَرَكَ الأحبَّةَ أن يُقاتِلَ فيهمُ ... ونَجَا برأسِ طِمِرَّةٍ ولِجامِ
وفي نحوه لبشَّار:
خليليَّ من سعدٍ أعينَا أخاكُما ... علَى بثَّهِ إنَّ الكريمَ مُعينُ
1 / 27