ضَنِيتُ فلو أُدخِلتُ في حلقِ بقَّةٍ ... خَريفيَّةٍ من دِقًاتي لم تَغَصَّ بِي
للمتنبي:
ولو قَلَم أُدخلتُ في شَقّ رأسِهِ ... من السُّقمِ ما غَيّرت من خطِّ كاتِبِ
وقال آخر:
ومُنَعَّمٍ كالغصنِ ذي مَيَل ... جَمّشتُهُ فاحمرَّ من خَجَل
لمَّا شممت الخمرَ من فمِه ... وفَّيتُهُ حَدًّا من القُبَل
وقال وضَّاح اليمن:
قالتْ ألا تَلِجَنْ دارَنَا ... إنَّ أبانَا رجلٌ غائرُ
أما رأيتَ القصرَ مِن دوننا ... فقلتُ إنِّي فوقَهُ ظاهرُ
قالتْ فإنَّ اللَّيثَ غادٍ به ... فقلتُ سيفي صارمٌ باترُ
قالتْ فإنَّ البحرَ قدَّامَنَا ... قلتُ فإنِّي سابحٌ ماهرُ
قالتْ أليسَ الله من فوقنا ... قلتُ بلَى وهو لَنَا غافرُ
قالتْ فأمَّا حينَ أعييتنا ... فأْتِ إذا ما هجَعَ السَّامرُ
فاسقُطْ علينا كسُقوطِ النَّدَى ... ليلةَ لا ناهٍ ولا آمرُ
وقال آخر:
فأسبَلَتْ لُؤلؤًا من نرجسٍ وسَقَتْ ... وردًا وعضَّتْ علَى العُنَّابِ بالبَرَدِ
آخر:
خَريدَةٌ لو رأتْها الشَّمْسُ ما طلعَتْ ... من بعدِ رؤيتِها يومًا علَى أَحَدِ
وقال آخر:
بَيني وبينَ الدَّهْرِ فيكَ عِتابُ ... سيطُولُ إنْ لمْ يَمْحُهُ الإعتابُ
يا غائبًا بوِصالِهِ ومَزَارِهِ ... هلْ يُرتَجَى من غيبتيكَ إيَابُ
لولا التَّعلُّلُ بالمُنَى لتَقَطَّعتْ ... نفسٌ عليكَ شِعارُهَا الأوصابُ
لا يأسَ من روحِ الإلهِ فربَّما ... يصِلُ القطوعُ ويَقدم الغيَّابُ
وقال أبو القاسم المهراني الزوزني:
بَلائِي منكَ يَا مَوْلا ... يَ في خَطَّينِ من مسْكِ
كليلٍ تحتَهُ صُبْحٌ ... تَلاشَى فيهما نُسْكي
وقال آخر:
لِي إلى الريح حاجةٌ لو قَضَتْها ... كنتُ للرِّيحِ ما حَيِيتُ غُلامَا
حَجَبوها عنِ الرِّياحِ لأنِّي ... قلتُ للرِّيحِ بلِّغيها سَلامَا
لو رَضُوا بالحِجابِ هانَ ولكنْ ... مَنَعُوها يومَ الرِّياحِ الكلامَا
فَتَثَنَّيتُ ثمَّ قلتُ لِطَيْفِي ... ويكَ لو زُرْتَ طيفَهَا إلمامَا
خصّها بالسَّلام سرًّا وإلاَّ ... مَنَعوها لشقوَتي أنْ تَنَامَا
ولأبي القاسم الزوزني:
أعطِنِي تَذكرةً خاتَمًا ... اسمُكَ مكتُوبٌ علَى فَصِّهِ
مَا روَّعَتْني زَفَراتُ الهَوَى ... إلاَّ تَرَوَّحتُ إلى مَصِّهِ
وقال أبو علي الطلقي، وقد كتب بها إلى أبي القاسم الزوزني هذا مع غلام أهداه له:
قدْ وَهَبْنا غزالَنَا المَوْموقا ... لكَ إذْ كنتَ للغزالِ حَقِيقَا
وأَفَقْنا عن الصَّبابةِ واللَّهْ ... وِ وما كانَ عزمُنَا أنْ نُفِيقَا
هاكَ خذه إليكَ بَدرًا مُنيرًا ... وغزالًا أحوَى وغُصنًا أَنيقَا
أبدًا يَستفيدُ من وجهِهِ النَّا ... ظرُ معنًى من الجمالِ دَقيقَا
وقال آخر:
مَن عاشَ في الدُّنيا بغير حَبيب ... فحياتُهُ فيها حياةُ غَريبِ
أوَ مَا تَرَى الطَّيرينِ كيفَ تَزَاوَجَا ... من غيرِ خاطبةٍ وغيرِ خطيبِ
وأنشدني لطف الله بن أحمد الهاشمي لنفسه:
قالتْ سَلاَ وُدُّنا وحالَ ولمْ ... أسْلُ فَتَجْزِي به ولمْ أحُلِ
عندكِ قلبِي فقلِّبيهِ فإنْ ... وجدتِ فيه سواكِ فانتَقِلِي
وقال أبو بكر الخوارزمي:
يَفُلُّ غدًا جيشُ النَّوَى عسكرَ البَقَا ... فرأيُكَ في سَحّ الدُّموعِ مُوَفَّقَا
وخُذْ حجَّتِي في تركِ جيبِي سالمًا ... وقلبِي ومِن حَقَّيهما أنْ يُشَققَا
يَدي ضَعُفَتْ عنْ أنْ تمزقَ جَيْبَهَا ... ولم يكُ قَلبي حاضرًا فَيُمزَّقا
وقال غيره في الغيرة:
إنِّي لأحسُدُ ناظريَّ عليكَا ... حتَّى أغُضَّ إذا نظرتُ إليكَا
وأراكَ تخطُرُ في شَمائلكَ الَّتي ... هي حَسرتِي فأغارُ منكَ عليكَا
ولوِ استطعتُ جرحتُ لفظَك عامدًا ... إنِّي أراهُ مُقبِّلًا شَفتيكا
خلَصَ الهَوَى لكَ واصطفتْكَ مودَّتي ... وغدوت من حبَّيك طوع يديكا
من فرطِ إشفاقِي ورقَّة غيرتي ... إنِّي أغارُ عليكَ مِنْ مَلَكَيْكا
1 / 18