عَزَلَ الأخبَاتُ سلطانَ الهَوَى ... وحَدَا اللَّيلَ تباشيرُ الفَلَقْ
غاضَ ماءَ اللَّهوِ شيبٌ مُغْدِقٌ ... ولقدْ تكرع والماء غدقْ
وجَلا عنك الصِّبى زَوْرًا أتَى ... والجَلاَ في مقلةِ اللَّهوِ زَرَقْ
حدَّثني أحمد بن ممشاذ بن أبي الرِّجال، حدَّثنا ابن يعقوب الأصم، حدَّثنا بكر بن سهيل الدهاطي، حدَّثنا عبد الله بن محمد بن رمح، حدَّثنا ابن وهب عن حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن أنس عن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: " ما من معمّر يعمر في الإسلام أربعين سنة إلاَّ صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء: الجنون والجذام والبرص، وإذا بلغ الخمسين ليّن الله عليه حسابه، فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إليه لما يحب ويرضى، فإذا بلغ السبعين أحبّه الله وأحبّه أهل السَّماء، وإذا بلغ الثمانين قبل الله حسناته وتجاوز عن سيّئاته، فإذا بلغ التسعين غفر له ما تقدّم من ذنبه وسمّي أسير الله في أرضه وشفّع في أهل بيته ".
وحدَّثني أبو عبد الله الحسين بن علي العباسي ببست بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: " إنَّ لله ملكًا في السَّماء ينادي في كلِّ يوم وليلة: أبناء الأربعين زرعٌ قد دنا حصاده، أبناء الستين هلمُّوا إلى الحساب، ماذا قدّمتم وماذا أخّرتم، أبناء السبعين لا عذر لكم ".
وأنشدني لرجل من أهل نيسابور:
لَكلبٌ عَقورٌ أسود الذَّيلِ رابضٌ ... علَى صدرِ بيضاءِ التَّرائبِ كاعبِ
أحبُّ إليها من مُضاجِعها الَّذي ... له لحيةٌ بيضاءُ فوقَ التَّرائبِ
آخر:
وإذا دعونَكَ عمَّهُنَّ فإنَّهُ ... نَسَبٌ يزيدُكَ عندهنَّ خَبَالا
وقال آخر:
ألا إنَّ المشيبَ عليَّ ممَّا ... فقدتُ من الشَّبابِ أعزُّ فوتَا
تملَّيتُ الشَّبابَ فصارَ شيبًا ... وأفنيتُ المشيبَ فصارَ موتَا
وقال جميل بن معمر:
بُثينةُ قالتْ وقد راعَهَا ... تَفاريقُ من شيبيَ المُسْفِرِ
جميلُ كبرتَ وجاءَ المشيبُ ... فقلتُ بٌثينَ ألا أقصِرِي
أتنسينَ أيَّامَنا باللِّوَى ... وأيَّامَنا بذُرَى معمرِ
وإذْ لِمَّتي كجناحِ الغُدَافِ ... تُضَمَّخُ بالمسكِ والعنبرِ
وأنتِ كلؤلؤةِ المرزبانِ ... بماءِ شبابكِ لمْ تُعْصرِي
صغيرينِ مرتعُنا واحدٌ ... فأنِّي كبرتُ ولم تكبرِي
وقال آخر:
تُجِدُّ الليالي بالفتى وهو يلعبُ ... وتَصدقُه الأيامُ والنَّفسُ تكذِبُ
وفي كلِّ يومٍ يفقدُ المرءُ بعضَه ... ولا بُدَّ أن الكلَّ منه سيذهبُ
وقال عبد الملك البستي الطبيب:
شبابُ الفَتَى ظُلمَةٌ لا تَبينُ ... وشيبتُه صبحُه المستبينْ
وقد يُعذَرُ المرءُ في ظُلمةٍ ... ولا عذر في الصبحِ صُبحِ اليقينْ
آخر:
حركات الشيوخِ في كلّ وقتٍ ... حركاتٌ ما إنْ لها بَركاتُ
أنشدني قاضي القضاة لأبي القاسم المهراني الزوزني:
الدَّهرُ ساومني عُمري فقلتُ له ... لا بعتُ عُمري بالدُّنيا وما فيها
فابتاعَ عمري تفاريقًا بلا ثمنٍ ... تبَّتْ يدا صفقةٍ قد خابَ شاريها
آخر:
فإنَّ امرءًا قد عاش تسعينَ حِجةً ... ولم يسأمِ الدُّنيا الذميمةَ جاهلُ
قال النَّبي ﵇: " إنَّ السعادة كلّ السعادة طول العمر في طاعة الله ".
وقال ﵇: " ألا أنبئكم بخياركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أطولكم أعمارًا وأحسنكم أخلاقا ".
وعن عبد الله بن بشير، قال: جاء أعرابيان إلى النّبي ﷺ، فقال أحدهما: أي النَّاس خير؟ فقال: " من طال عمره وحسن عمله "، وقال الآخر: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: " أن لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله ".
وقال محمد بن واسع: اغتنم طول العمر فكأنّك قد صرت إلى دار ليس فيها معتمل.
وعن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس في قوله عز. ذكره: " أو لم نعمّركم ما يتذكر فيه من تذكر "، قال: هو العمر الَّذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة.
وعن أبي أمامة، عن النبي ﷺ، قال: " من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورًا يوم القيامة ".
1 / 11