قال الشكل المجسد لألف: «عظيم.» ثم مد يدا من الضوء مصافحا جونزاليس، ثم تقدم نحوه وعانقه، بحيث صار عالم جونزاليس مليئا بالضوء للحظة، ثم قال الشكل المجسد لألف: «مرحبا بك.»
سأله جونزاليس: «ماذا سيحدث الآن؟»
قال هاي ميكس: «نحن بحاجة إلى الحديث. ثمة أمور لم أخبرك بها.»
قال جونزاليس: «إذا أردت إخباري بما تعتزم عمله فلا بأس في هذا، لكنك لست مجبرا على هذا. فأنت تعلم أنني أثق بك.» ثم فكر كم كان هذا غريبا، وحقيقيا. لقد عمل هو وجهاز «الميميكس» الخاص به لأكثر من عشر سنوات معا، وكان الجهاز يؤدي دور كاتم الأسرار، والمستشار، والطبيب، والمحامي، والخادم المتعدد المهام، والسكرتير الخاص، والكاتب، وقد رآه في كل حالاته المزاجية، ويعرف نقاط قوته وضعفه، ويشاركه في الأفراح والأتراح. وفكر كم كان هذا الجهاز أمينا ومخلصا ومراعيا وصبورا وحنونا ... وغير أناني، لدرجة مغايرة للبشر بطبيعة الحال، وكأنه صبي الكشافة المثالي، لكنه كذلك، كما تبين، كان يمتلك تعقيدات واحتياجات خاصة به. انتظر جونزاليس في ترقب ما كان يريد جهاز «الميميكس» قوله أيا كان.
قال هاي ميكس: «لبعض الوقت، كنت قادرا على الظهور في فضاء الآلات على صورة بشري. لكن قبل أن نأتي إلى هنا كنت أفعل هذا في الغالب حين أكون مع مستشار تراينور. لقد تقابلنا بضع مرات، وهو يتجسد على صورة شخصية تدعى السيد جونز. المرة الأولى التي فعلنا فيها هذا - هذا ما قلناه لنفسينا على أي حال - كنا نريد أن نرى ما إذا كان بوسعنا إنتاج صور تجسيدية جديرة بالتصديق لبشر. لا أظن أن أيا منا كان مقنعا؛ فقد اتسمنا بالخرق ولم نعرف كيف نتبادل التحيات، ولا الكيفية التي نتحرك بها بعضنا مع بعض وكيف نجلس معا ونبدأ محادثة.» «لكنكما فعلتما كل هذه الأشياء.» «نعم، ولكن مع البشر. لقد اكتشفت أنا والسيد جونز أننا كنا نعتمد دائما عليهم كي يرشدونا، لكن بمجرد أن بحثنا في ذاكرتنا وجدنا حالات عديدة كان فيها البشر أكثر حيرة مما كنا عليه، وتركونا نقود المحادثة. ومن ثم فقد بدأنا هناك، ونظرنا في ذاكرتنا بحثا عن الأشخاص وهم يتفاعلون بعضهم مع بعض، ويا للعجب، كان هناك الكثير مما لم ينتبه إليه أينا من قبل قط. شاهدنا تسجيلات عديدة لرئيسيات أخرى - خاصة الشمبانزي - وتعلمنا أمورا كثيرة ... آمل ألا تكون قد شعرت بالإساءة.»
ظل الصوت محايدا لا تدري أهو لرجل أم امرأة، كما كان خجولا. كان جونزاليس مفتونا تماما، وكأنه أب يستمع إلى ابنه الصغير وهو يحكي قصة. وقال: «مطلقا. أي نوع من الأمور تعلمته؟» «إنها رقصة معقدة يا جونزاليس، تلك الطريقة التي تظهر بها الرئيسيات الاحترام أو تعبر عن الثقة المتبادلة أو الصداقة أو العداء أو اللامبالاة؛ عن طريق الاقتراب والابتعاد بعضها عن بعض، والتلامس، والنظر، والحديث ... كان من الصعب للغاية علينا تعلم هذه الأشياء، لكننا تعلمنا معا وتدربنا بعضنا مع بعض. وفي وقت قريب للغاية، ظهرنا لمرات قليلة على الشبكة، وتقبلنا الجميع بوصفنا بشرا، لكن في أغلب الأحيان كان التفاعل يجري بيننا نحن فقط؛ فكل يوم كنا نلتقي ونتحدث.»
سأله جونزاليس: «أيعلم تراينور بأي من هذا؟»
قال هاي ميكس: «آه، كلا. لم نخبر أي شخص؛ فكما أوضح لي ألف فقد كنا نخفي ما نفعله كالأطفال الصغار، ولم نقر بعواقب ما كنا نعتزم فعله ...»
نظر جونزاليس حوله. كان الشكل المجسد لألف قد اختفى من دون أن يلاحظ. وسأل هاي ميكس: «أي عواقب؟ هناك الكثير.» «إننا نمتلك النية والذكاء؛ ومن ثم فنحن بشر.» «نعم، أعتقد ذلك.»
بشرية الآلات: في نظر معظم الناس حسمت هذه المسألة منذ عقود؛ خلال السنوات التي صارت فيها الآلات الذكية شائعة. كانت الماكينات تحاكي مئات الآلاف من الأشياء، من بينها الذكاء، لكنها كانت تمتلك القدرة على محاكاة الشيء، وليس الشيء نفسه. ولنحو مائة عام تقريبا سعى مصممو الآلات إلى تحقيق ما أسموه الذكاء الاصطناعي، ومن رحم جهودهم هذه خرجت أجهزة «الميميكس»، وأجهزة المساعدة الشخصية التي لا تكل، والتي تمتلك المعرفة ومدربة على إبداء الاحترام. وبطبيعة الحال كانت هناك روبوتات تمتلك قدرات خاصة بها: الجلد والمثابرة والبراعة والقدرة على تحمل ظروف من شأنها أن تتسبب في إعاقة البشر أو قتلهم.
अज्ञात पृष्ठ