وقفت ومشت مبتعدة عنه، نحو أعلى التل، بينما خطواتها الغاضبة تثير الغبار والحصى. توقفت واستدارت لمواجهته وقالت: «هيا يا سيد جونزاليس.»
سار خلفها وهو يمسك الساق ذات الأشواك في حذر.
جلست ديانا هايوود وجونزاليس يحتسيان الشاي. قال: «أنا مراقب خارجي، هذا صحيح - أو جاسوس لو شئت أن تطلقي علي هذا - غير أنني لا أظن أننا على خلاف. إنهم يطلبون منك القيام بمهمة محددة، ويطلبون مني القيام بمهمة مختلفة، ولا أرى إمكانية لحدوث تعارض بين مهمتينا.» أدارت وجهها كي تنظر إليه، وكانت إحدى عينيها زرقاء والأخرى خضراء.
قالت: «حين اتصلت بي سينتراكس الأسبوع الماضي كانت تلك أول مرة أتواصل معهم منذ أن تخلصوا مني منذ سنوات. لا أقصد بهذا أنهم أساءوا معاملتي، ليس وفق معاييرهم؛ فحين فصلوني، منذ سنوات، لم يتخلوا عني وحسب، بل دفعوا لي أموالا طيبة ... إنهم قوم حصيفون، لقد كان الأمر أشبه بتزييت إحدى الأدوات ولفها بحرص قبل تخزينها، لأنك قد تحتاجها مجددا. والآن وجدوا استخداما لي وجاءوا بي من على الرف ووجهوني إلى العمل، لكنني أعلم أنهم لا يثقون بي. وبطبيعة الحال لا أثق أنا بهم.» ثم وقفت وقالت: «تعال، سأريك ما يعنيه الأمر كله لي.»
تقدمت جونزاليس إلى الغرفة المجاورة؛ حيث تسبب دخولهما في تشغيل نظام الإضاءة تلقائيا. كانت الجدران مكسوة بورق حائط بلون الشمبانيا الباهت، تتخلله خزانات كتب من خشب الورد تمتد من الأرضية على السقف، وكراسي حبال وطاولات مماثلة موضوعة أسفل حامل مصباح متعدد الأذرع مصنوع من الكروم.
توقفت أمام صورة هولوجرامية مقياسها 1: 6 لرجل نحيل، يبدو غير شاعر بالارتياح بسبب عرض صورته الهولوجرامية، وكان يضع يديه في جيبيه ويحني كتفيه ولا يركز عينيه على عدسة الكاميرا التي تلتقط الصورة الهولوجرامية.
قالت وهي تشير إلى الصورة الهولوجرامية: «هذا هو جيري، هذا هو الشخص الذي يتمحور حوله الأمر كله على حد اهتمامي. إنه مصاب إصابة خطيرة، وتعتقد ألف أن بالإمكان فعل شيء لمساعدته، ورغم أن هذا الأمر مستبعد بشدة بالنظر إلى فداحة إصابته، فإنني سأساعد بقدر استطاعتي.» ثم نظرت إليه من دون أن يظهر على وجهها أي تعبير وقالت: «هل سنغادر غدا؟» «نعم.» «حسنا إذن، حري بي أن أستعد، أليس كذلك؟ أين تقيم؟» «فكرت في استئجار غرفة في فندق.» «لا حاجة لهذا. يمكنك النوم هنا. سأنهي حزم الأمتعة وسنخرج لتناول الطعام.» •••
جلست ديانا هايوود وجونزاليس في موقع مرتفع من بريكلي هيلز، يطل على المباني السكنية الفسيحة المنتشرة أدناهما. وإلى يمينهما امتد بساط من الأضواء على مرمى البصر، حتى مدينة فاليجو وما بعدها. أمامهما كانت تمتد بيركلي، والكتلة المظلمة للخليج، ثم الأضواء المتجمعة لمدينتي ساوساليتو وتيبورون قبالة التلال. كانت مدينة أوكلاند على يسارهما، تمتد حتى جسر باي بريدج، وفيما وراء الجسر كانت توجد سان فرانسيسكو وشبه الجزيرة. وكانت تيارات من السيارات الذاتية القيادة المتحركة تربط في تناغم بين هذه المدن كلها.
كان فم جونزاليس لا يزال خدرا بفعل الفلفل الحار الموجود في طعامه التايلاندي، وشعر بطنين خفيف في أذنه بسبب النبيذ. كانا قد تناولا الطعام في أحد المطاعم في الجانب الشمالي للمدينة، ثم أرشدت ديانا هايوود السيارة عبر الطريق المتعرج نحو مكان مرتفع بالقرب من تيلدن بارك.
ومع انقضاء الدقائق أخذت الشوارع والطرق السريعة والبلديات تختفي في تجريد ذي دلالة ... هؤلاء الملايين من البشر المجتمعين هنا لغرض لا يمكن إلا تخمينه، بعضهم يعيه ومعظمهم لا يعونه، شأنهم في هذا شأن مجموعة القنادس التي تشيد سدودها من الطمي والأخشاب.
अज्ञात पृष्ठ