हल्लाज
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
शैलियों
وفشلت القضية من جديد، وثار حامد وأسرع إلى الخليفة ينشد تأييده، فقد زادت هذه المحاكمات من مكانة الحلاج ونفوذه.
ولكن الخليفة كان أكثر حرصا من وزيره، أو أكثر جبنا وخوفا، وكان دائما يتردد في حمل مسئولية دم الحلاج ، فأمر حامد بأن يسلمه إلى علي بن عيسى عالم بغداد وخصم الحلاج ليناظره، عسى أن تفلت من فم الحلاج كلمة فيؤخذ بها!
وعقد مجلس المناظرة، وحشد للمجلس خصوم الحلاج من كل لون ونحلة.
يقول الخطيب البغدادي في تاريخه: «فلما حضر الحلاج مجلس المناظرة، خاطبه علي بن عيسى خطابا فيه غلظة، فقال له الحلاج: قف حيث انتهيت، ولا تزد عليه شيئا، وتأدب وإلا قلبت عليك الأرض، فتهيب علي بن عيسى من مناظرته، وطلب من الخليفة أن يعفيه من مناظرته فأعفاه.»
5
وطارت شهرة الحلاج، وصفقت بغداد إعجابا ببطلها ووليها، وأسرع الوزير حامد إلى الخليفة يناشده العون، ويطلب إبقاء على ماء وجهه، وحرصا على مكانة الخليفة، أن يصدر أمره السامي بسجن الحلاج! أو على الأقل بتحديد إقامته، مع سجن الخطرين من تلامذته، وإبقاء القضية معلقة، ليبقى الاتهام دائما محلقا فوق الحلاج وأنصاره!
واستجاب الخليفة، وقبض على بعض أنصار الحلاج، وأخذ الحلاج نفسه يتنقل بين السجن حينا، وبين مصادرة حريته وتحديد إقامته أحيانا، طوال ثمانية أعوام كاملة، وكان سجنه بدار الخلافة، وكان تحديد إقامته بمنزل صديقه وتلميذه نصر القشوري حاجب الخليفة. لقد استهدفت الخلافة بهذا الحكم العجيب أن يكون الحلاج تحت سمعها وبصرها، لتأمن وثبته، وتتقي ثورته، وتحد من اتصالاته وتنقلاته.
ومن ثم بدأت مرحلة حاسمة، من أخطر مراحل حياة الحلاج وأجلها، مرحلة خصبة، أشد ما تكون الخصوبة، حية أقوى ما تكون الحياة.
مرحلة جهاد مرير لتحقيق رسالته في الإصلاح، تحت ضغط ظروف قاسية مرهقة، وجهاد أعلى وأشق، ليبلغ كماله الروحي، ولتحترق بشريته في لهب وجده المقدس، وحبه الأسمى، ليظفر بجوهرة الخلود الكبرى، جوهرة الحياة، التي ترتبط بالله، فتقوم به، وتتلقى عنه، وتقتات بذكره، وتظفر بأنسه، وتنعم بإلهامه، وتفني إرادتها في إرادته، ثم تحلق بمعراج وجدها، حتى تراه سبحانه بوجدانها، وتشاهده بقلبها، نورا، هو نور السموات والأرض وما بينهما، وما تحت الثرى، سبحانه هو الأول والآخر، والظاهر والباطن.
مرحلة أخذ الحلاج يضع فيها أخلد كتبه وأبقاها، وفي طليعتها كتاب «طاسين الأزل» الذي أنقذه من الفناء الذي صبته الخلافة العباسية على تراثه، صديقه الوفي، ابن عطاء سنة 309ه، في اللحظات الأخيرة.
अज्ञात पृष्ठ