हल्लाज
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
शैलियों
مع هذه المكانة الضخمة. لا تزال الأقلام قلقة مضطربة، وهي تتناول نشأة التصوف وتدرجه وأثره في التاريخ الإسلامي.
وسر هذا الاضطراب أن كتب الطبقات الصوفية، لم تضع منهجا علميا لتاريخ الحياة الروحية في الإسلام؛ فقد اعتبرت أئمة الصحابة جميعا من رجال الطبقات الصوفية، ومن ثم، اعتبرت بداية الإسلام، هي بداية التصوف!
وجاء رجال التاريخ الإسلامي، وجلهم من الحنابلة الذين خاصموا منهج التصوف في المعرفة والسلوك، فلم تتجه أقلامهم إلى تدوين تلك الحياة الخصبة المثمرة، بل ألقوا عليها ستارا، ولم يرجوا لها وقارا!
ثم جاء رجال الاستشراق في عصرنا، فبذلوا جهودا ضخمة في دراسة التصوف الإسلامي، ورجاله وتراثه.
ولكن هذه الجهود الضخمة، شابها وشوه من جلالها، عقدة نفسية، تحملها أقلامهم، وتستقر في أعماق قلوبهم، وتدفعهم دفعا إلى تصوير التصوف الإسلامي، في أثواب مستعارة من الملل والنحل الروحية، شرقية وغربية، وتدفعهم دفعا إلى تحميل الكلمات والآراء أكبر مما تطيق، وأوسع مما تحتمل، ليضفوا على التصوف الإسلامي، صورا غنوصية غامضة، من صور الغنوص الشرقي، الذي يستهوي رجال الاستشراق، وشعوب رجال الاستشراق.
وتابعهم وجرى في ساحتهم فريق كبير من كتابنا، بحكم التلمذة لهم حينا، وبحكم التشدق بآراء مفكرين أوروبيين أحيانا، وبحكم جهلهم بالإسلام والتصوف أولا وقبل كل شيء.
ولسنا هنا بصدد التأريخ لهذه الحياة، وإنما نحاول أن نرسم خطوطا لها في نموها وتطورها، تعيننا على تفهم منهج الحلاج الروحي، وصلة هذا المنهج الحلاجي، بالإسلام والتصوف، أو مجانبته لهما.
لقد وجد الروح الصوفي مع الإسلام منذ يومه الأول، وليس معنى هذا ، أن الأذواق والمواجيد ، القلبية والروحية، والمناهج الصوفية سلوكا ومعرفة، كانت واضحة جلية، في أيام الإسلام الأولى، وفي حياة أئمة الصحابة رضوان الله عليهم، ففي هذا الزعم إسراف ومجانبة للحقائق.
ولكننا لو تأملنا في آيات القرآن المحكمة، وفي حياة الرسول الطاهرة، وسير صحابته المشرقة، نجد البذور الأولى، للسلوك الصوفي، وللمعرفة الروحية، مبينة متلألئة.
وليس التصوف بدعا في هذا، فكل منهج من مناهج المعرفة في الإسلام انبثق كما انبثق التصوف من روح القرآن، وجوهر رسالته، وبدأ كما بدأ التصوف مع الإسلام، ثم نما وتطور ومشى مع خطو الحياة، وسنة الله.
अज्ञात पृष्ठ