فلما لم يشف ذلك غليلا «ولا نفع عليلا»(2) شمرتم عن ساق الجد في الشقاق(3)، ونسيتم أمر الواحد الخلاق، حيث قال: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}[النساء:59]ن وقال تعالى: {ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم، ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض}[الأحقاف:31،32] فقهرتم(4) سلطان الحق، وضيعتم(5) نصر الله لأولي الأمر، فجنحتم إلى السلم، وامتطيتم مطية النفاق، وصاحبكم يؤثر التقريب على الإبعاد، وما يدنيكم من الصلاح(6) ويصرفكم عن(7) الإفساد، فكان أول الغدر من جملتكم، وإن تقدمه ما وقع من آحادكم، تقدم موسى وداود(8) لسداد الغر(9)، والإقامة بوادي ظهر(10) وهما في(1) الحقيقة يضمران خلاف الأمر، فأقاما(2) أياما ينقضان الذمم، ويحرفان الكلم(3)، ثم نكصا على أعقابهما من غير تعريج على ثغر الإسلام (4)، ولا التفات(5) على أمر إمام، فكانا(6) أحق ببيت(7) الشاعر حيث يقول:
لحا الله قيسا قيس عيلان أنها ... أضاعت ثغور المسلمين وولت
ونحن ف خلال ذلك نعلن بالانتصار، وندعوا الكافة إلى طاعة العزيز الجبار، فكان الجواب أنهما عادا بعد مدة إلينا يرجيان جيشا حشوة للغدر، وشعاره ودياره النفاق والمكر، فوصلوا بشتيت الشمل، ووقوع الخيل كما قال تعالى(8) في صفة المنافقين: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة}[التوبة:47].
पृष्ठ 74