हक्ध तकल्लम नसर अबू ज़ैद
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
शैलियों
لكن هناك غموضا أيضا لمن يقرأ القرآن، وليس له جذور في اللغة العربية. حينما أقول اللغة العربية يتوهم الناس بما أننا عرب فنحن فاهمون للقرآن. لا، نحن لا نتحدث اللغة العربية لغة القرآن. القرآن بالنسبة لنا إلى حد كبير يحتاج إلى معرفة اللغة التي صيغ بها القرآن
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين (2/البقرة: 16). يقول الفراء وهو لغوي آخر في نفس القرن: «كما قال القائل: كيف تربح التجارة»، أي: لماذا أسند الربح إلى التجارة، أي جعلت التجارة فاعلا. فما ربحت تجارتهم مع أن التجارة المربوح فيه. يعني العبارة منطقيا تكون ربح التاجر في تجارته، لكن ربحت تجارتهم. يقول: «لكن يربح الرجل التاجر. ذلك من كلام العرب، ربح بيعك وخسر بيعك فحسن القول بذلك؛ لأن الربح والخسارة إنما يكون في التجارة، فعلم معناه. ومثله من كلام العرب»، هذا ربط للقرآن. تحدثنا في المحاضرة السابقة عن: هل القرآن ينتمي إلى مجال الفضاء اللغوي العربي، وإلى أي حد هذا الفضاء اللغوي يتحكم في القرآن، وإلى أي حد يتحكم القرآن فيه، وهي قضية إلى حد كبير قضية مشكلة. في القرن الثالث هناك الحرص على ربط القرآن بقوانين اللغة العربية. «مثله من كلام العرب مثل ليل نائم، والليل لا ينام وإنما ينام فيه»، النوم ظرف ننام فيه ليلا، «ومثله من كتاب الله فإذا عزم الأمر، وإنما العزيمة للرجال» إذا عزم الإنسان الأمر، الأمر نفسه لا يسند إليه. في هذه الأمثلة إسناد الفعل إلى من لا يقع منه الفعل. إسناد الفعل إلى غير فاعله، الفاعل هنا ممكن أن يكون مفعولا به، أو ظرف زمان، أو ظرف مكان، لكن الفاعل ليس فاعلا، بنية الجملة تجعل هذا الاسم فاعلا؛ «فلو قال قائل قد خسر عبدك، لم يجز»، لا يجوز أن يقول القائل: «خسر عبدك»؛ لأن العبد حسب هذا الفضاء الثقافي يمكن أن يكون تاجرا في مال سيده، فيخسر أو يربح فيكون فاعلا. ويمكن أن يكون تجارة أي أن يكون بيع العبد فخسر، في هذه الحالة يكون الإسناد إسنادا غير متجاوز فيه، يعني مجازا. المجاز هنا أخذ بعدين؛ بعدا في الدلالة في إطار التشبيه والاستعارة، وبعدا في التركيب اللغوي.
هذه المشكلات التي جعلت أبا عبيدة معمر بن المثنى يكتب كتاب «مجاز القرآن»، وجعلت «الفراء»، وكلاهما لغوي، يكتب معاني القرآن. الفراء ينتمي إلى المعتزلة لكن لا نستطيع أن نتحدث عن الفراء كلاهوتي، إنما هو أصلا لغوي. أبو عبيدة معمر بن المثنى قيل إنه خارجي، وقيل إنه كذا وكذا، لكن فكره اللغوي باعتباره نشاطا نوعيا لا يعكس بالضرورة هذا الموقف اللاهوتي.
المجاز: المجاز هنا في الجملة العربية يمكن أن يكون على مستوى التركيب، ويمكن أن يكون على مستوى الدلالة، «لكن وجدنا من يطعنون على القرآن بالمجاز»، يعني الطعن. أنا لم أعرف بالضبط من الذين يطعنون على القرآن بالمجاز، لكن دفاع ابن قتيبة يكشف لنا عن وجود جماعة يطعنون في القرآن على أساس أن القرآن يتضمن تعبيرات مجازية. وجود التعبيرات المجازية في القرآن خلق غموضا عند البعض وخلق مبررا للطعن عند البعض الآخر. المهم نعرف أن ابن قتيبة توفي 276 هجريا، ابن قتيبة طبق المجاز على الأناجيل: يعني قال إن مشكلة الأناجيل أنها فهمت فهما حرفيا، وله عبارة يقول فيها: «إن المسيح حين يقول أبي، فهو لا يقصد الأبوة بالمعنى الحقيقي، ولكن كما نقول أب بمعنى الرعاية.»
ابن قتيبة يقول: «وأما الطاعنون على القرآن بالمجاز، فإنهم زعموا أنه كذب»، وكانت قضية هامة جدا في ربط المجاز بالكذب. تم تقسيم اللغة إلى: إما حقيقة وإما مجاز، ولم تفهم هذه المفاهيم الحقيقة أنها مفاهيم لغوية، وليست مفاهيم فلسفية ولا لاهوتية، فهمت باعتبار أن هذا حقيقة وهذا كذب، يعني حدث هذا النوع من الخلط. «لأن الجدار لا يريد»،
فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه (18/الكهف: 77) في قصة موسى «والقرية لا تسأل»
واسأل القرية التي كنا فيها (12/يوسف: 82). ابن قتيبة يقول: إن من يطعنون على القرآن؛ لأنه يتضمن مثل هذه التعبيرات «هذا من أشنع جهالتهم، وأدلها على سوء نظرهم وعلى قلة أفهامهم. ولو كان المجاز كذبا، وكل فعل ينسب إلى غير الحيوان باطلا، كان أكثر كلامنا فاسدا». هنا نحن نتكلم في اللغة ولا نتكلم في الواقع «لأنا نقول نبت البقل، وطالت الشجرة، وأينعت الثمرة، وقام الجبل، ورخص السعر». هذه العبارات تنسب الفعل إلى النبات وإلى الشجرة وإلى الثمرة وإلى الجبل، وهذا في تصور الفكر العربي اللغوي التقليدي أنه لا يجوز أن يسند إليها الفعل. بعد ذلك سنرى كيف تعامل عبد القاهر مع هذه العبارات. «ونقول كان الفعل منك في وقت كذا، والفعل لم يكن وإنما كون»، هذه قضية لاهوتية وهي قضية الفعل، «ونقول كان الله، وكان بمعنى حدث، والله عز وجل قبل كل شيء بلا غاية لم يحدث، فيكون بعد أن لم يكن، ولو قلنا للمنكر لقوله
جدارا يريد أن ينقض - وهذه عبارة مهمة جدا - كيف كنت أنت قائلا في جدار رأيته على شفى الانهيار، ماذا تقول؟ رأيت الجدار، ماذا؟ لم يجد بدا من أن يقول جدارا يريد أن ينقض أو يقارب أن ينقض. وأيا من كان فقد جعله فاعلا، ولا أحسبه يصل إلى هذا المعنى في شيء من لغات العجم إلا بمثل هذه الألفاظ». هذا إدراك بديهي وإن كان لم يتعمق بعد للفارق بين العالم واللغة. إن اللغة لا تمثل العالم، وإنما اللغة تعبر عن العالم من خلال مفاهيمنا الذهنية عن العالم. طبعا هذا كلام سيدخلنا في الألسنية الحديثة، - وهنا يوجد صديق ألسني، فلا أريد أن أدخل في المجال - لكن فيه وعيا ما بأننا لا نستطيع أن ننظر إلى بنية العالم عقليا، ونتجاهل أن بنية اللغة ليست هي البنية العقلية للعالم، هناك ما يسمى بنية اللغة.
هذا كله ما كان ينتظر عبد القاهر، هذه المشكلات كانت تنتظر مفكرا في قامة عبد القاهر. هذه المشكلات تعامل معها المعتزلة، تعامل معها القاضي عبد الجبار، تعامل معها الجاحظ، لكن عبد القاهر أتاه هذا كله، وعبد القاهر لمن يقرأ كتابه يجده غاضبا من زمانه، وينعى على زمانه غياب العلم وغياب المعرفة وغياب التفحص. (2) تأسيس المجاز لاهوتيا
ماذا يقول عبد القاهر في هذه القضية؟ «ومن قدح في المجاز»، وهو هنا يرد على من يقولون، سواء كانوا منكرين للقرآن أو كانوا مدافعين عن القرآن؛ لأن هناك فريقا مدافعين عن القرآن يقولون إن القرآن ليس فيه مجاز؛ لأن المجاز قرين الكذب. وهذا لا يجوز على الله، فالقرآن ليس فيه مجاز. وهناك المهاجمون للقرآن؛ لأن فيه مجازا: «وهم أن يصفه بغير الصدق، فقد خبط خبطا عظيما، وتهدف لما لا يخفى ولو لم يجد البحث عن حقيقة المجاز العناية به حتى تحصل دروبه وتضبط أقسامه إلا السلامة من هذه القالة، والخلاص ممن نحا نحو هذه الشبهة؛ لكان من حق العاقل أن يتوفر عليه ويصرف العناية إليه.» يعني إذا كانت علاقة البحث ستؤدي إلى كشف هذه الشبهة، وكشف هذا الضلال المعرفي، فهذا يكفي.
अज्ञात पृष्ठ