فبغت عبد الله عند سماع اسم الشام؛ لأن فيها أعداءه ومناظريه، والتفت إلى ابن صفوان كأنه يطلب مشاركته في الاستغراب فرآه لا يقل عنه استغرابا، فقال عبد الله: «وما الذي جاء بك إلينا ونحن في هذه الحال. لعلك جاسوس؟»
قال: «معاذ الله يا مولاي! كيف أكون جاسوسا وأفعل ما فعلته اليوم؟»
فجلس عبد الله على جانب المقعد وأمر ابن صفوان بالجلوس فجلس، ثم قال عبد الله: «لا غرابة فيما ظهر منك إن كنت جاسوسا؛ لأن الجواسيس يتلونون تلون الحرباء. على أني لا أبالي مهما يكن من أمرك فما أنا ممن يستعينون بالجواسيس وأنا لا أخافهم وإنما أستعين بالحق والعدل.»
فوقف حسن وهو يقول: «العفو يا مولاي، إني أجل نفسي عن الجاسوسية في هذا السبيل، وإنما أنا رسول إليك في مهمة لا أرى مسوغا للكلام فيها الآن.»
قال: «وماذا تعني؟ وكيف لا مسوغ لها؟ قل ... لا بأس مما تراه من الأحوال. من أرسلك إلينا من الشام؟ لعلك قادم من عبد الملك بنصيحة؟»
قال: «لا يا مولاي، بل أنا قادم من عند خالد بن يزيد بن معاوية.»
قال: «وهو أيضا أموي، وشأنه عندنا مثل شأن عبد الملك وإن يكن أعرف منه بالكيمياء والشعر وما إلى ذلك.»
فقال حسن: «ما كنت أحسب الحقيقة تخفى على مولاي أمير المؤمنين فإنها عكس ذلك على خط مستقيم.»
قال: «كيف يكون هذا وكلاهما أموي وقد اتحدا وقاما لحربنا؟»
قال: «أما الحرب فقد نصبها عبد الملك وليس خالد، ولو عرفت ما بينهما من الدخائل لتحققت أن خالدا أرغب في بيعة أمير المؤمنين من آل العوام أنفسهم.»
अज्ञात पृष्ठ