ترك حافظ نجيب المسرح ، واهتم بمغامراته النسائية، وأساليبه في النصب والاحتيال، حتى قبض عليه وأودع السجن عدة مرات. وفي عام 1919، وبعد خروجه من السجن في إحدى قضاياه الكثيرة، نشر مجموعة من الإعلانات، قال فيها إنه سيظهر من جديد على خشبة المسرح. وانتهزت هذه الفرصة جريدة «الإكسبريس»، وقالت في 14 / 12 / 1919: «حافظ نجيب العيار الشهير، رجل مولع بالشهرة. خرج من السجن أخيرا، ورأى أن الناس منصرفون عنه بما هو أهم ... فما كان من صاحبنا إلا أنه ملأ البلد إعلانات طويلة عريضة، قال فيها إنه سيظهر على أحد المراسح ليلتين متواليتين. لا ندري ماذا يفعل على المرسح. وكل ما نرجوه أن لا تكون أحبولة لصيد جديد. فإن الرجل لا يهدأ باله إلا بالنط على الشناكل، ولو أداه عمله إلى المشنقة. مصيبة حافظ نجيب في فنه، أو مصيبتنا فيه، أنه كاتب وأديب، ويأبى إلا أن يتعب الناس ويشقوا ويقدموا له المال، وهو راقد على سريره، وإلا سلبهم ما يملكونه بطرق لا يعرفها إلا هو وإبليس.»
ومهما يكن من أمر رأي الجريدة في حافظ نجيب، إلا أن هذا الرأي يعكس لنا مدى شهرة حافظ نجيب في مغامراته وحيله في النصب والاحتيال. لدرجة أن الجريدة تعتبر عودته إلى المسرح لعبة جديدة من ألاعيبه في النصب على الآخرين! ولكن يشاء القدر أن يكون حافظ نجيب صادقا هذه المرة، حيث إننا وجدناه يكون فرقة مسرحية تحمل اسم «الفرقة المصرية» مرة، وتحمل اسمه مرة أخرى. وظلت هذه الفرقة في تمثيل مستمر منذ عام 1919، وحتى عام 1921. وقد قامت هذه الفرقة بتمثيل مجموعة من المسرحيات، كتبها حافظ نجيب أو ألفها، مستغلا حوادث حياته وشهرته في أحداثها الفنية. أو بمعنى آخر، كتب حافظ قصة حياته في مجموعة من المسرحيات، قام بتمثيلها بنفسه، كما سنرى.
بدأ حافظ نجيب تكوين فرقته المسرحية الأولى في أوائل ديسمبر 1919، وأطلق عليها اسم «الفرقة المصرية»، وكان من أبرز ممثليها الممثل القدير يوسف عز الدين.
9
وهذه الفرقة مثلت أولى مسرحياتها، على خشبة مسرح برنتانيا في منتصف ديسمبر 1919، وكانت المسرحية بعنوان «قوة الحيلة». وهي مسرحية من تأليف حافظ نجيب، وتحكي عن حادثة موته ودفنه وخروجه من القبر حيا، وأيضا عن أسلوبه في الهروب من مطاردة البوليس، بالإضافة إلى بعض أفكار حافظ نجيب وأسراره ومبادئه. واستمر تمثيل هذه المسرحية ما يقرب من شهرين، سواء على مسارح القاهرة، أو على مسرح الهمبرا بالإسكندرية.
10
وقد قالت جريدة «الإكسبريس» في 25 / 1 / 1920، عن هذه المسرحية: «بين الإعلانات التي توزعت في المدينة، إعلان وزعه حافظ نجيب المشهور، وأعلن فيه أنه سيمثل رواية «قوة الحيلة». وقد مثلها في العاصمة، بعد أن أجهد نفسه، وأفرغ جعبة «حيله» في الإعلان عنها. وخرج المشاهدون بعد التمثيل يسألون بعضهم ماذا رأينا؟ وماذا شاهدنا؟ وأين ما وعدتنا به الإعلانات؟ فلم يجدوا غير جواب واحد، وهو أن صاحب الحفلة، والمعلن عنها، هو حافظ نجيب وكفى. وإذا سألت حافظا عن موضوع روايته، يقول لك: إنها رواية تمثل حيلتي، وكيف اختفيت عن عين البوليس، وتخلصت منه كلما طاردني. وكثيرون من المجرمين المحكوم عليهم، مثلوا مع البوليس روايات مختلفة، وهربوا بأساليب غريبة، فلم يتمكن من القبض عليهم إلا بعد عناء. فإذا كان كل منهم يتجر بمثل هذه الحيل، وتنخدع العامة بإعلاناتهم المنمقة، وعباراتهم المزوقة، فيربح من جيوبهم مائة جنيه أو مائتين، لعاشوا سعداء، وتمنى كل فقير معدم، أن يرتكب جرمه ويمثل دوره مع رجال البوليس ليسجن، ثم يفارق سجنه، ليمثل دوره ويربح منه الربح الجزيل.»
وفي أواخر فبراير 1920، ألف حافظ نجيب مسرحيته الثالثة، وكانت بعنوان «الجاسوس المصري»، وهي أيضا تمثل فترة من فترات حياته، عندما تجسس على ألمانيا لصالح فرنسا - كما مر بنا سابقا - وهذه المسرحية مثلتها فرقته لأول مرة في 20 / 2 / 1920 على مسرح الكورسال.
11
وقد قام حافظ نجيب بتمثيل دوره الحقيقي في المسرحية، وقاسمته البطولة الممثلة ميليا ديان.
अज्ञात पृष्ठ