وقبلها ثم استطرد: سيكون لنا بنين وبنات ..
وتفكر مليا ثم قال: الأعمار حقا بيد الله وحده ولكنني من أسرة معمرة، أسأل الله أن يمد في عمرنا.
فقبلته راضية وقالت: قلبي يحدثني بمستقبل سعيد .. - قلب المؤمن دليله، عندي من الإيمان ما يغفر لي العديد من الأخطاء، وخدمت الدولة بإخلاص يكفر عن كثير من السيئات، وعندما تستقر الأمور سأقوم بالحج تجديدا لروحي وجسدي.
أما قدرية فتمادت في التدهور، ولكنه تدهور أراحه منها تماما، ولم يخل قلبه من رثاء لها ولكنه ظل على خوفه من مصارحتها بزواجه الثاني.
ولم ينس أنه يمضي نحو نهاية خدمته بلا أمل حقيقي في جوهرة العمر، ولكن الأيام في جريانها السريع تمخضت عن حدث لم يكن في الحسبان؛ فقد عين عبد الله وجدي وكيلا لوزارة الخارجية، فجأة وبلا مقدمات وجد عثمان وظيفة المدير العام خالية. أغمض عينيه، توسل إلى قلبه أن يهدئ من خفقانه، أمسى كل شيء في دنياه - عروسه .. أفراحه .. آماله - لا شيء أمام الوظيفة الخالية. تفجر طموحه المكبوت وانقلب إلى العابد القديم في محراب الرقي المقدس.
وقالت له راضية: الجميع يتحدثون عنك بصفتك المرشح الوحيد ..
فابتهل قائلا: فليحقق الله الآمال.
ثم بحنان وامتنان : الحياة العجيبة تمسح في لحظة من الأحزان ما يعجز المحيط عن غسلها؛ فهي الأم الحنون رغم معاملتها أحيانا القاسية ..
ومضى من فوره إلى الخارجية ليهنئ عبد الله وجدي فاستقبله الرجل مرحبا وقال له مجاملا: أعترف لك يا عثمان بك بأنني سررت مرتين، مرة لتعييني وكيلا للخارجية ومرة ليقيني بأنك ستحل محلي في الوزارة.
وغادر عثمان الخارجية ثملا من السرور والأمل. وتساءل ترى هل يندب أولا للوظيفة تمهيدا للترقية أو يبقى حتى تتم الترقية؟ وكلما مضى يوم عذبه الانتظار. أجل تعذب رغم أن الوزير يقدره والوكيل يعتبر حاميه الأول. ولما نفد صبره ذهب لمقابلة بهجت نور الوكيل فاستقبله الرجل بحفاوة وبادره قائلا: كأني أقرأ فؤادك ..
अज्ञात पृष्ठ