فابتسمت في حياء صادق فقال: سعيدة إن شاء الله؟ - الحمد لله. - فقال بعد تردد وبإغراء لم يستطع مقاومته: من حسن الحظ أننا ننسى.
فقالت ببساطة ومودة: لا شيء ينسى ولا شيء يبقى!
وتفكر في قولها طويلا. وغادر المحفوظات وهو يقول لنفسه: يا أنسية أحببتك كثيرا في الأيام الخالية.
وعاد إلى مكتبه فوجد نشرة مرسلة من إدارة العلاقات العامة عرف من شكلها أنها تحمل نعي موظف أو قريب له. قرأ: «انتقل صباح اليوم إلى رحمة الله المغفور له إسماعيل بك فائق مدير الإدارة، وستشيع الجنازة ..» إلخ.
أعاد القراءة. قرأ الاسم مرات. مستحيل. كان حتى الأمس يباشر عمله وهو في غاية من الصحة والنشاط. وقد شرب قهوة الصباح معه في مكتبه، وكان الرجل يقول مرددا اهتماماته المعروفة: البلد يموج بالأفكار المتضاربة ..
فابتسم عثمان ولم ينبس فقال إسماعيل: كل واحد يعتقد أنه رسول العناية الإلهية.
وهز رأسه ثم تساءل: بأي عقل نشرع في إعداد الحساب الختامي؟
فأجاب عثمان بهدوء ساخر: بعقلي أنا!
فضحك الرجل ضحكة عالية. وكان يسلم بكفاءة مرءوسه وأنه العمود الفقري للإدارة. لم تكن بينهما مودة ولا عداء. رباه كيف مات الرجل! وذهب إلى الوكيل الأول المعروف بصلته الحميمة بالراحل وسأله: هل عندك علم عن هذه المصيبة؟
فأجاب الوكيل الأول بذهول: شرع في تناول الإفطار، ثم شعر بتعب مفاجئ فقام ليستلقي على ديوان، ولما لحقت به حرمه لترى ما به وجدته جثة هامدة!
अज्ञात पृष्ठ