182

हदीत ईसा बिन हिशाम

حديث عيسى بن هشام

शैलियों

أرض إذا جردت في حسنها

فكرك دلتك على الصانع

وسمعته يتلو في الركوع والسجود، قول صانع الوجود:

ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ، وقوله أيضا عز من قائل:

تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم .

ثم انثنيت به في طلب الراحة، فجلسنا على أريكة من أرائك تلك الساحة، ودارت بيننا هذه المخاطبة، بما اقتضته المناسبة:

الباشا :

كيف لا يكون هذا المكان بالناس غاصا، وبالمرتاضين مزدحما، يشاهدون جماله ويتفيأون ظلاله ما دامت الحكومة قد أباحته لكل رائح وغاد كما تزعمه؟ وما لي لا أرى فيه غير هؤلاء الأجانب في أزيائهم، بأبنائهم ونسائهم، فهل وقفته الحكوة على الغربيين وحرمته على المصريين، فإنني لم أجد فيه أحدا منهم منذ دخولنا إلى هذه الساعة؟

عيسى بن هشام :

لم تؤثر به الحكومة قوما دون قوم، ولكن المصريين كأنهم ألفوا التهاون باللذات الروحانية وتغافلوا عنها، وأخصها معرفة ما حسن في الأشياء، وتمييز الجمال والكمال ومواضع الإحسان والإتقان في صنعة الوجود، ورياضة الفكر والنظر في مطالعة كتاب الكائنات، ونظام المخلوقات التي تسبح بحمد خالقها؛ أي: تدل عليه بصنعته فيها، وكأن الواحد منهم قد حبس نفسه وقيد فكره في الوجود على الماديات، فلا يكاد ينظر في دهره نظرة المشاهدة والإمعان في خلق السماوات وما يتألق فيها من الشموس والأقمار والنجوم والكواكب، ولا في خلق الأرض وما ينبت فيها من النبات، ويدب من الحيوان ويجري من البحار ويرسو من الجبال، وهي بجمال صنعها وكمال وضعها.

अज्ञात पृष्ठ