1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَبِهِ أَسْتَعِينُ، الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَبَعْدُ، فَهَذَا بَعْضُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ حَدِيثِ الإِمَامِ الْعَارِفِ ذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ ﵀.
أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّطِيفِ الرَّبَعِيُّ، إِذْنًا، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَكِّيٍّ، أَنْبَأَنَا جَدِّي أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَكَرِيَّا الصُّوفِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ بِمَدِينَةِ السَّلامِ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَالِدِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الطَّوْسِيُّ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصِ بْنِ الْخَلِيلِ الْهَرَوِيُّ، لَفْظًا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ:
-١٠ - سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ غَانِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، ﵁ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " سَمِعْتُ جِبْرِيلَ ﵇ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ قَالَ مِنْ أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، كَانَ لَهُ أَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ وَمِنْ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَاسْتَجْلَبَ بِهِ الْغِنَى وَاسْتَقْرَعَ بِهِ بَابَ الْجَنَّةِ. " وَأَنْبَأَتْنَا أُمُّ الْفَضْلِ عَائِشَةُ الْكِنَانِيَّةُ، مُشَافَهَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الْخِلاطِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ، سَمَاعًا، أَنْبَأَنَا الشَّيْخَانِ أَبُو النَّحَّاسِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ بَاقَا، سَمَاعًا عَلَيْهِمَا، أَنْبَأَنَا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا وَالِدِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حُبَيْشُ بْنُ حُبَيْشٍ الْمَوْصِلِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ بِالْجَزِيرَةِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْبَصْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو زَيْدٍ عَمْرُو بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا صَلابَةُ أَبُو أَيُّوبَ الْمُطَّلِبِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الوتسابيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ:
-١٠ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَنَصَّلَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ» أَنْبَأَنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّمْعَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْخَيْرِ جَامِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّقَّاءُ الصُّوفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونِ بْنِ مَالِكٍ الشِّكْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فُلَيْحٍ الْفَيُّومِيُّ، حَدَّثَنَا ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ،
-١٠ - عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلامَةُ حُبِّ اللَّهِ حُبُّ ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَلامَةُ بُغْضِ اللَّهِ بُغْضُ ذِكْرِ اللَّهِ»
-١٠ - وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ ذِي النُّونِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ﵁، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» وَبِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ أَبُو الْفَيْضِ وَيُقَالُ: الْفَيْضُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَذُو النُّونِ لَقَبٌ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، صَاحِبُهُ، وَيُقَالُ أَنَّ اسْمَهُ ثَوْبَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَذُو النُّونِ لَقَبٌ، وَيُقَالُ: ذُو النُّونِ بْنُ أَحْمَدَ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ السِّجْزِيُّ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ صَاحِبُهُ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو الْفَيَّاضِ وَاسْمَهُ الْفَيْضُ، أَخْبَرَنِي كَذَلِكَ عَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الْوَرْثَانِيُّ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ الأَبْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو الْفَيَّاضِ، وَاسْمُهُ الْفَيْضُ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيَّ الْحَافِظَ، أَنْبَأَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ الْمَادَرَائِيُّ، قَالَ: قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو عُمَرَ الْكِنْدِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي أَعْيَانِ الْمَوَالِي فَذَكَرَ فِيهِ: وَمِنْهُمْ ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الإِخْمِيمِيُّ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ، وَكَانَ أَبُوهُ إِبْرَاهِيمُ نُوبِيًّا رَئِيسَ الْقَوْمِ وَالْمَرْجُوعَ إِلَيْهِ، وَالْمَقْبُولَ عَلَى جَمِيعِ الأَلْسِنَةِ، وَأَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَنْ عُلُومِ الأَحْوَالِ وَالْمُنَازَلاتِ، لَهُ السِّيَاحَاتُ الْمَشْهُورَةُ وَالرِّيَاضِيَّاتُ الْمَذْكُورَةُ، وَذُو النُّونِ مِنْ أَهْلِ أَخْمِيمَ، نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي مِصْرَ، وَدَخَلَ ذُو النُّونِ الْعِرَاقَ فَدَخَلَ بَغْدَادَ، وَلَمْ يُقِمْ بِهَا كَثِيرًا وَنَزَلَ....... سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، حُمِلَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ عَلَى الْبَرِيدِ مِنْ مِصْرَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُتَوَكِّلِ أَهْلَ الْوَرَعِ بَكَى، وَقَالَ: إِذَا ذُكِرَ أَهْلُ الْوَرَعِ فَجَهْلا بِذِي النُّونِ، وَكَانُوا أَرْبَعَ إِخْوَةٍ: ذُو النُّونِ، وَذُو الْكِفْلِ، وَعَبْدُ الْخَالِقِ، وَعَبْدُ الْبَارِئِ، وَكَانَ أَهْلُ مِصْرَ يُسَمُّونَهُ الزِّنْدِيقَ، فَلَمَّا مَاتَ أَظَلَّتِ الطَّيْرُ جِنَازَتَهُ فَاحْتَرَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ قَبْرَهُ، وَلَمَّا مَرِضَ ذُو النُّونِ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قِيلَ لَهُ: مَا تَشَتْهِي؟ قَالَ: أَنْ أَعْرِفَهُ قَبْلَ مَوْتِي بِلَحْظَهٍ، وَلَمَّا مَاتَ وُجِدَ عَلَى قَبْرِهِ مَكْتُوبٌ: مَاتَ ذُو النُّونِ حَبِيبُ اللَّهِ مِنَ الشَّرَقِ قَتِيلُ اللَّهِ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحُلْوَانِيَّ بِبَغْدَادَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى: ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَخْمِيمِيُّ، الزَّاهِدُ يُكَنَّى أَبَا الْفَيْضِ، وَكَانَ حَكِيمًا فَصِيحًا وَأَصْلُهُ مِنَ النُّوبَةِ، وَكَانَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ، يُقَالُ لَهَا: أَخْمِيمُ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَرْدَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْخِرَقِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، وَقِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَقْرَبُ إِلَى الْكُفْرِ؟ قَالَ: ذُو فَاقَةٍ لا صَبْرَ لَهُ. سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْجَلاءِ يَقُولُ: لَقِيتُ سِتَّ مِائَةِ شَيْخٍ مَا لَقِيتُ فِيهِمْ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ ذَا النُّونِ، وَقَالَ ذُو النُّونِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ حُكْمٌ لا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى أَحَدٍ. سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ بَكْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوَّاصَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنِ السَّمَاعِ، فَقَالَ: رَسُولُ حَقٍّ جَاءَ يُزْعِجُ إِلَى حَقٍّ، فَمَنْ أَصْغَى إِلَيْهِ بِحَقٍّ تَحَقَّقَ، وَمَنْ أَصْغَى إِلَيْهِ بِنَفْسٍ تَزَنْدَقَ. سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّقَّاشَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: مَنْ جَهِلَ قَدْرَهُ هَتَكَ سِتْرَهُ. وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ رَشِيقٍ، سَمِعْتُ أَبَا دُجَانَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: لا تَسْكُنُ الْحِكْمَةُ مَعِدَةً مُلِئَتْ بِطَعَامٍ. سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُقَابِلٍ الْبَغْدَادِيَّ، يَقُولُ: لَمَّا دَخَلَ ذُو النُّونِ بَغْدَادَ دَخَلَ عَلَيْهِ صُوفِيَّةُ بَغْدَادَ وَمَعَهُمْ قَوَّالٌ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنُ لَهُ حَتَّى يَقُولَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ الْقَوَّالُ: صَغِيرُ هَوَاكَ عَذَّبَنِي ... فَكَيْفَ بِهِ إِذَا احْتَنَكَا وَأَنْتَ جَمَعْتَ مِنْ رُوحِي ... هَوَاءً قَدْ كَانَ مُشْتَرَكَا أَمَا تَرْثِي لِمُكْتَئِبٍ ... إِذَا ضَحِكَ الْخَلِيُّ بَكَى قَالَ: فَقَامَ ذُو النُّونِ وَتَوَاجَدَ وَطَالَ تَوَاجُدُهُ، ثُمَّ قَعَدَ فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ يَتَوَاجَدُ، فَقَالَ لَهُ ذُو النُّونِ: وَالَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ فَقَعَدَ الرَّجُلُ، وَقَالَ ذُو النُّونِ: مَنْ كَانَ فِي تَوْحِيدِهِ نَاظِرٌ إِلَى نَفْسِهِ لَمْ يُنْجِهِ تَوْحِيدُهُ مِنَ النَّارِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ ابْنُ رَشِيقٍ الْمِصْرِيُّ، إِجَازَةً عَنْ جَبَلَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّدَفِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ ذُو النُّونِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ انْتُهِيَ مِنْ طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ. وَبِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْمَالِينِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ مُعَاذَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيقٍ الأَخْمِيمِيَّ بِهَا قَالَ: الْمُهَاجِرُ بْنُ مُوسَى بْنِ سُلَيْمَانَ الأَخْمِيمِيُّ، قَالَ: قَالَ ذُو النُّونِ: ثَلاثُ خِصَالٍ مِنَ الْكَرَمِ حُسْنُ الْمَحْضَرِ، وَاحْتِمَالُ الزَّلَّةِ، وَقِلَّةُ الْمَلامَةِ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ السَّرَخْسِيُّ، بِمَكَّةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ وَفِي يَدِهِ الْغُلُّ وَفِي رِجْلَيْهِ الْقَيْدُ، وَهُوَ يُسَاقُ إِلَى الْمُطْبَقِ وَالنَّاسُ يَبْكُونَ حَوْلَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا مِنْ عَطَايَاهُ وَكُلُّ فِعَالِهِ عَذْبٌ حَسَنٌ طَيِّبٌ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: لَكَ مِنْ قَلْبِي الْمَكَانُ الْمَصُونُ ... كُلَّ يَوْمٍ عَلَيَّ فِيكَ يَهُونُ لَكَ عَزْمٌ بِأَنْ أَكُونَ قَتِيلا فِيكَ ... فَالصَّبْرُ عَنْكَ مَا لا يَكُونُ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنِي أَبُو دُجَانَةَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: أَمَا إِنَّهُ مِنَ الْحُمْقِ الْتِمَاسُ الإِخْوَانِ بِغَيْرِ الْوَفَاءِ، وَطَلَبُ الآخِرَةِ بِالرِّئَاسَةِ، وَمَوَدَّةُ النِّسَاءِ بِالْغِلْظَةِ. أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُحَرَّمِيُّ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ وَهُوَ دَاخِلٌ إِلَى الْحَبْسِ يَقُولُ: الْحَسَدُ دَاءٌ لا يَبْرَأُ وَحَسْبُ الْحَسُودِ مِنَ الشَّرِّ مَا يَلْقَى، وَدَخَلَ الْحَبْسَ. أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سُئِلَ ذَا النُّونِ عَنِ الْمَحَبَّةِ؟ فَقَالَ: قُرْبُ الْقَلْبِ مِنَ الْمَحْبُوبِ عَلَى الطَّمَأْنِينَةِ وَالشُّكُورِ. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ جَمِيلٍ أَبَا عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: مَنْ رَاقَبَ الْعَوَاقِبَ سَلِمَ. انْتُهِيَ مِنَ الأَرْبَعِينَ لِلْمَالِينِيِّ، تَمَّ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
-١٠ - سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ غَانِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، ﵁ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " سَمِعْتُ جِبْرِيلَ ﵇ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ قَالَ مِنْ أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، كَانَ لَهُ أَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ وَمِنْ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَاسْتَجْلَبَ بِهِ الْغِنَى وَاسْتَقْرَعَ بِهِ بَابَ الْجَنَّةِ. " وَأَنْبَأَتْنَا أُمُّ الْفَضْلِ عَائِشَةُ الْكِنَانِيَّةُ، مُشَافَهَةً، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الْخِلاطِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ، سَمَاعًا، أَنْبَأَنَا الشَّيْخَانِ أَبُو النَّحَّاسِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ بَاقَا، سَمَاعًا عَلَيْهِمَا، أَنْبَأَنَا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا وَالِدِي، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حُبَيْشُ بْنُ حُبَيْشٍ الْمَوْصِلِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ بِالْجَزِيرَةِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْبَصْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو زَيْدٍ عَمْرُو بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا صَلابَةُ أَبُو أَيُّوبَ الْمُطَّلِبِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الوتسابيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ:
-١٠ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَنَصَّلَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ» أَنْبَأَنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّمْعَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْخَيْرِ جَامِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّقَّاءُ الصُّوفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونِ بْنِ مَالِكٍ الشِّكْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فُلَيْحٍ الْفَيُّومِيُّ، حَدَّثَنَا ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ،
-١٠ - عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَلامَةُ حُبِّ اللَّهِ حُبُّ ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَلامَةُ بُغْضِ اللَّهِ بُغْضُ ذِكْرِ اللَّهِ»
-١٠ - وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ ذِي النُّونِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ﵁، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» وَبِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ أَبُو الْفَيْضِ وَيُقَالُ: الْفَيْضُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَذُو النُّونِ لَقَبٌ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، صَاحِبُهُ، وَيُقَالُ أَنَّ اسْمَهُ ثَوْبَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَذُو النُّونِ لَقَبٌ، وَيُقَالُ: ذُو النُّونِ بْنُ أَحْمَدَ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ السِّجْزِيُّ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ صَاحِبُهُ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو الْفَيَّاضِ وَاسْمَهُ الْفَيْضُ، أَخْبَرَنِي كَذَلِكَ عَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الْوَرْثَانِيُّ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ الأَبْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو الْفَيَّاضِ، وَاسْمُهُ الْفَيْضُ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيَّ الْحَافِظَ، أَنْبَأَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ الْمَادَرَائِيُّ، قَالَ: قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو عُمَرَ الْكِنْدِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي أَعْيَانِ الْمَوَالِي فَذَكَرَ فِيهِ: وَمِنْهُمْ ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الإِخْمِيمِيُّ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ، وَكَانَ أَبُوهُ إِبْرَاهِيمُ نُوبِيًّا رَئِيسَ الْقَوْمِ وَالْمَرْجُوعَ إِلَيْهِ، وَالْمَقْبُولَ عَلَى جَمِيعِ الأَلْسِنَةِ، وَأَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَنْ عُلُومِ الأَحْوَالِ وَالْمُنَازَلاتِ، لَهُ السِّيَاحَاتُ الْمَشْهُورَةُ وَالرِّيَاضِيَّاتُ الْمَذْكُورَةُ، وَذُو النُّونِ مِنْ أَهْلِ أَخْمِيمَ، نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي مِصْرَ، وَدَخَلَ ذُو النُّونِ الْعِرَاقَ فَدَخَلَ بَغْدَادَ، وَلَمْ يُقِمْ بِهَا كَثِيرًا وَنَزَلَ....... سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، حُمِلَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ عَلَى الْبَرِيدِ مِنْ مِصْرَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُتَوَكِّلِ أَهْلَ الْوَرَعِ بَكَى، وَقَالَ: إِذَا ذُكِرَ أَهْلُ الْوَرَعِ فَجَهْلا بِذِي النُّونِ، وَكَانُوا أَرْبَعَ إِخْوَةٍ: ذُو النُّونِ، وَذُو الْكِفْلِ، وَعَبْدُ الْخَالِقِ، وَعَبْدُ الْبَارِئِ، وَكَانَ أَهْلُ مِصْرَ يُسَمُّونَهُ الزِّنْدِيقَ، فَلَمَّا مَاتَ أَظَلَّتِ الطَّيْرُ جِنَازَتَهُ فَاحْتَرَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ قَبْرَهُ، وَلَمَّا مَرِضَ ذُو النُّونِ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قِيلَ لَهُ: مَا تَشَتْهِي؟ قَالَ: أَنْ أَعْرِفَهُ قَبْلَ مَوْتِي بِلَحْظَهٍ، وَلَمَّا مَاتَ وُجِدَ عَلَى قَبْرِهِ مَكْتُوبٌ: مَاتَ ذُو النُّونِ حَبِيبُ اللَّهِ مِنَ الشَّرَقِ قَتِيلُ اللَّهِ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحُلْوَانِيَّ بِبَغْدَادَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى: ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَخْمِيمِيُّ، الزَّاهِدُ يُكَنَّى أَبَا الْفَيْضِ، وَكَانَ حَكِيمًا فَصِيحًا وَأَصْلُهُ مِنَ النُّوبَةِ، وَكَانَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ، يُقَالُ لَهَا: أَخْمِيمُ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَرْدَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْخِرَقِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، وَقِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَقْرَبُ إِلَى الْكُفْرِ؟ قَالَ: ذُو فَاقَةٍ لا صَبْرَ لَهُ. سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْجَلاءِ يَقُولُ: لَقِيتُ سِتَّ مِائَةِ شَيْخٍ مَا لَقِيتُ فِيهِمْ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ ذَا النُّونِ، وَقَالَ ذُو النُّونِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ حُكْمٌ لا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى أَحَدٍ. سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ بَكْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوَّاصَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنِ السَّمَاعِ، فَقَالَ: رَسُولُ حَقٍّ جَاءَ يُزْعِجُ إِلَى حَقٍّ، فَمَنْ أَصْغَى إِلَيْهِ بِحَقٍّ تَحَقَّقَ، وَمَنْ أَصْغَى إِلَيْهِ بِنَفْسٍ تَزَنْدَقَ. سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّقَّاشَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: مَنْ جَهِلَ قَدْرَهُ هَتَكَ سِتْرَهُ. وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ رَشِيقٍ، سَمِعْتُ أَبَا دُجَانَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: لا تَسْكُنُ الْحِكْمَةُ مَعِدَةً مُلِئَتْ بِطَعَامٍ. سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُقَابِلٍ الْبَغْدَادِيَّ، يَقُولُ: لَمَّا دَخَلَ ذُو النُّونِ بَغْدَادَ دَخَلَ عَلَيْهِ صُوفِيَّةُ بَغْدَادَ وَمَعَهُمْ قَوَّالٌ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنُ لَهُ حَتَّى يَقُولَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ الْقَوَّالُ: صَغِيرُ هَوَاكَ عَذَّبَنِي ... فَكَيْفَ بِهِ إِذَا احْتَنَكَا وَأَنْتَ جَمَعْتَ مِنْ رُوحِي ... هَوَاءً قَدْ كَانَ مُشْتَرَكَا أَمَا تَرْثِي لِمُكْتَئِبٍ ... إِذَا ضَحِكَ الْخَلِيُّ بَكَى قَالَ: فَقَامَ ذُو النُّونِ وَتَوَاجَدَ وَطَالَ تَوَاجُدُهُ، ثُمَّ قَعَدَ فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ يَتَوَاجَدُ، فَقَالَ لَهُ ذُو النُّونِ: وَالَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ فَقَعَدَ الرَّجُلُ، وَقَالَ ذُو النُّونِ: مَنْ كَانَ فِي تَوْحِيدِهِ نَاظِرٌ إِلَى نَفْسِهِ لَمْ يُنْجِهِ تَوْحِيدُهُ مِنَ النَّارِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ ابْنُ رَشِيقٍ الْمِصْرِيُّ، إِجَازَةً عَنْ جَبَلَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّدَفِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ ذُو النُّونِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ انْتُهِيَ مِنْ طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ. وَبِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْمَالِينِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ مُعَاذَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيقٍ الأَخْمِيمِيَّ بِهَا قَالَ: الْمُهَاجِرُ بْنُ مُوسَى بْنِ سُلَيْمَانَ الأَخْمِيمِيُّ، قَالَ: قَالَ ذُو النُّونِ: ثَلاثُ خِصَالٍ مِنَ الْكَرَمِ حُسْنُ الْمَحْضَرِ، وَاحْتِمَالُ الزَّلَّةِ، وَقِلَّةُ الْمَلامَةِ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ السَّرَخْسِيُّ، بِمَكَّةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ وَفِي يَدِهِ الْغُلُّ وَفِي رِجْلَيْهِ الْقَيْدُ، وَهُوَ يُسَاقُ إِلَى الْمُطْبَقِ وَالنَّاسُ يَبْكُونَ حَوْلَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا مِنْ عَطَايَاهُ وَكُلُّ فِعَالِهِ عَذْبٌ حَسَنٌ طَيِّبٌ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: لَكَ مِنْ قَلْبِي الْمَكَانُ الْمَصُونُ ... كُلَّ يَوْمٍ عَلَيَّ فِيكَ يَهُونُ لَكَ عَزْمٌ بِأَنْ أَكُونَ قَتِيلا فِيكَ ... فَالصَّبْرُ عَنْكَ مَا لا يَكُونُ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنِي أَبُو دُجَانَةَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: أَمَا إِنَّهُ مِنَ الْحُمْقِ الْتِمَاسُ الإِخْوَانِ بِغَيْرِ الْوَفَاءِ، وَطَلَبُ الآخِرَةِ بِالرِّئَاسَةِ، وَمَوَدَّةُ النِّسَاءِ بِالْغِلْظَةِ. أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُحَرَّمِيُّ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ وَهُوَ دَاخِلٌ إِلَى الْحَبْسِ يَقُولُ: الْحَسَدُ دَاءٌ لا يَبْرَأُ وَحَسْبُ الْحَسُودِ مِنَ الشَّرِّ مَا يَلْقَى، وَدَخَلَ الْحَبْسَ. أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سُئِلَ ذَا النُّونِ عَنِ الْمَحَبَّةِ؟ فَقَالَ: قُرْبُ الْقَلْبِ مِنَ الْمَحْبُوبِ عَلَى الطَّمَأْنِينَةِ وَالشُّكُورِ. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ جَمِيلٍ أَبَا عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: مَنْ رَاقَبَ الْعَوَاقِبَ سَلِمَ. انْتُهِيَ مِنَ الأَرْبَعِينَ لِلْمَالِينِيِّ، تَمَّ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
अज्ञात पृष्ठ