ولكن الحقوق الاجتماعية لا تستقر طويلا على ظلم الرجل؛ لأنه اختلال ينقض سنة العدل وسنة الطبيعة على السواء.
ومن ظلم الرجل ألا تكون له مزية في الحقوق الاجتماعية وهو أقدر عليها من المرأة كيفما تقلبت الآراء، فمهما يبلغ من غلو المتحدثين بالمساواة فهم على الأقل لا ينكرون أن الرجل يقدر على أعمال كثيرة في خارج بيته لا تقدر عليها المرأة ولو في بعض الأوقات التي تشغل فيها بالحمل والحضانة وتدبير البيت.
ومن ظلم الرجل ألا تكون رقابته على المرأة أوفى من رقابة المرأة عليه؛ لأنها إذا فرطت في حقوقه ألحقت به نسلا غير نسله، وهو إذا فرط في حقوقها لم يلحق بها نسلا غير نسلها ولم يخالف بذلك قوام خلقه الأصيل في جميع الذكور، فإذا الذكر يؤدي فريضة النوع إذا اتصل بأكثر من أنثى واحدة، وليس للأنثى فريضة نوعية تؤديها إذا اتصلت بأكثر من ذكر واحد، إلا أن تكون شهوة خائنة أو تحللا من متانة الأخلاق.
ومن ظلم الرجل أن تنكر عليه العزيمة والإرادة وما يتبعهما من وجوب الطاعة في بعض الشئون إن لم يكن معظم الشئون، فتركيب خلقه هو تركيب المريد، وتركيب خلق المرأة هو تركيب الملبية أو الموافقة للإرادة الأخرى. وما كمن في دخيلة الجنس منذ الأزل هيهات تبدله أقوال المجالس وصفحات الكتب ونصوص الدساتير.
وكل نظام اجتماعي يبنى على هذا «الظلم» عبث وضلالة ولو طغت به نوبة من نوبات المذاهب المغرضة إلى حين؛ فلعل صلاح المذاهب للدوام لا يعرف من دليل حاسم كما يعرف من دليل الفوارق السرمدية بين الجنسين، ومن مبلغ الجور على حدود الطبيعة إزاء الرجال وإزاء النساء.
ومن لغو القول أن يسهب الباحثون في حقوق المرأة بعد أن تتيسر لها رعاية البيت وتنشئة الجيل الجديد؛ فهذه الحقوق فضول لا تريده المرأة ولا ترحب به إذا جاءها بغير سعي منها، بل هو وهم لا يجيء بسعي في مقدور ساع أو ساعية، وإن المرأة تطالب المجتمع والرجال بما يملك المجتمع أن يعطيه وبما يملك الرجال أن يعطوه، وليس إلغاء الفوارق ونتائجها مما يعطى بقوة أو بحيلة، أو مما يساغ فيه الأخذ والعطاء.
الجنس
ظواهر الجنس أعرق وأهم وأشيع في دنيانا من أن يتركها الإنسان تمضي به ذلك الزمن الطويل بغير فهم أو بغير تفهم يحاول به التحقيق من طريق التخمين والتوفيق، إن أعوزته وسائل العلم إلى الفهم الصحيح.
وقد خمن وأصاب.
فقال قديما بلغة الأساطير ما يقوله الباحثون اليوم بلغة العلم والتفكير، ولمس الحقيقة بخيال الشاعر وفطنة الساحر قبل أن يلمسها بمبضع الجراح ومجهر الكشاف.
अज्ञात पृष्ठ