ولا تنطبق كلمة «المنيعة» تلك على الأمر الواقع منذ عشرين سنة، ولكن مدة قصيرة كهذه وما تم في أثنائها من المعجزات بفعل مبتكرات العلم الحديث ليس مما يحسب عندما نبحث في عروق الهند وفي الحال التي انتهت إليها تبعا لسنة النشوء وتأثير مختلف البيئات.
حقا أن عادة القرابين البشرية، مثلا، غابت من غير ناحية بأمر الإنجليز، وحقا أن احتياجات الشرطي الإنجليزي أحلت نسائج مانجستر القطنية محل الأضغاث
21
التي ظلت لباس فريق من الأهالي منذ قرون، وحقا أن الخط الحديدي الذي يصل بمبي بكلكتة يسير موازيا لنهر نربدا الذي يحد الولايات الوسطى في الشمال، وحقا أن خطا حديديا آخر يمر من ناغبور ويقطع منطقة الغوند، وحقا أن من المحتمل ألا يبقى بعد نصف قرن شيء من الطبائع والعادات والمعتقدات التي دامت في وسط الهند ألوف السنين، بيد أن ساعة زوال هذه الأمور، التي دنا وقت إبطالها، لم تدق بعد، فيمكن، والحالة هذه، درس أحوال أهل غوندوانا الفطرية كما هي اليوم في البقاع الكثيرة الغاب الوبيلة، ما دام أهل السهول والهضاب يتهندون بسرعة.
ويبلغ الغوند، الذين اشتق اسم غوندوانا من اسمهم، عدة ملايين، غير أنه لم يبق منهم سوى مليون ونصف مليون في طور الوحشية المطلقة.
ولا تجد في منطقة غوندوانا التي غزتها الحضارة أثرا للهمجية في غير قسمها الجنوبي الشرقي المتجه إلى منابع رافدي غوداوري: برنهيتا وإندراوتي، وفي غير قسمها المتجه إلى الشمال الشرقي حيث جبال أمركن تك والجبال التي بجانب مجرى نهر نربدا الأعلى.
تسمع عن تلك الأصقاع التي لم ترد
22
حتى الآن ما نجده في كتب الآريين من الأساطير حول جبال الهند الوسطى، فيصفها هندوس السهول بأنها غابات مملوءة بالدوح
23
अज्ञात पृष्ठ