ولا مراء في أن أولئك الفاتحين ساروا على الدرب الذي سلكه قدماء الآريين، ولا تجد طريقا أخرى غير هذا الدرب يسهل على أي جيش أن يمر منها إلى أرض الإله إندرا، ويقوم وراء تلك الثغرة حاجز آخر من جبال سليمان المتصلة بجبال خيبر، فتكفي لوقف غزو الأجنبي مع أنها دون تلك الجبال أهمية بمراحل.
وإذا ما استثنيت ذلك المنفذ، الذي يدافع عنه بموقع بشاور وقلعة أتك في الوقت الحاضر، وجدت جميع حدود بلاد الهند البرية منيعة يتعذر اقتحامها تقريبا.
ويظهر في طرف المنحنى الشرقي الكبير، الذي أكسبته جبال همالية شكل سيف، ثلمة كبيرة جوفها نهر برهما بوترا، فمن هذه الثلمة استطاع أناس من الجنس الأصفر أن يدخلوا بلاد الهند في دور قديم، وذلك بعد جهود عظيمة؛ لما نراه في كل سنة من انغلاق وادي برهما بوترا الأعلى الذي لم يقع ارتياده حتى الآن، وذلك بفعل ما ينجم عن رياح الجنوب الموسمية من الطوفان، فما ينزل على هذه المنطقة من الأمطار الهائلة يؤدي إلى طمس معالم كل طريق مسلوكة، ويحول الأنهار إلى سيول، والسهول إلى مستنقعات وغدران، ويوجب نمو نبات يعوق السير، وانتشار أبخرة وخيمة قاتلة مفسدة للهواء في كل حين، فلا نصادف في الأرض بلادا مجهولة كتلك المنطقة مع قربها من الأمكنة العامرة.
شكل 1-3: منظر في وادي السند «مملكة كشمير».
وتكتنف جبال آسام ضفة نهر برهما بوترا اليسرى، وينحني مجرى هذا النهر عند سفوح جبال كهاسي وجبال غارو التي هي أخرى الحلقات المحيطة بشمال الهند.
ويحيط ذلك النطاق بالسهل الهندي الغنجي الذي تتألف الهندوستان الحقيقية منه، وينخفض هذا السهل رويدا نحو خليج البنغال من جهة ونحو بحر العرب من جهة أخرى، ويقسم وادي السند ووادي الغنج ذلك السهل إلى منطقتين مختلفتين أشد الاختلاف متباينتين منظرا، ويبدو هذا الانقسام بارزا في الجنوب بجبال أراولي التي يرتبط فيها أعالي جبل آبو، ويكاد هذا الانقسام يكون غير باد في الشمال.
ووادي الغنج هو من أكثر بقاع الأرض سكانا وخصبا وغنى، ولا يقال مثل هذا عن وادي السند الذي يشتمل على الصحراء الهندية الكبرى الوحيدة، ويفسر تباين ذينك الواديين باتجاه ذينك النهرين اللذين يجرى أحدهما موازيا لسلسلة الجبال التي يخرجان منها، ويجري الآخر عموديا بالنسبة إلى هذه السلسلة، فكلما سار نهر الغنج نال من جبال همالية التي يحاذيها روافد لا ينضب لها معين بما يسيل إليها من مياه أحواض الثلج فيروي الحقول والمزارع التي يمر منها بوفرة، وكلما ابتعد نهر السند عن الجبال خفت مياهه وقلت روافده؛ لضياع كثير منها في الرمال، وعجزها عن شق مسايل لها، فإذا كانت مقاطعة البنجاب ذات الأنهر الخمسة خصيبة لم تلبث هذه الأنهر الخمسة أن تؤلف نهرا واحدا متوجها وحده إلى الجنوب الغربي تاركا عن يساره أراضي واسعة خالية جديبة كئيبة.
ومن المحتمل أن كان جميع وادي السند في غابر الأزمان مغمورا بالبحر فجعل منه البحر خليجا واسعا، ونرى أن سهول شمال الهند وطبقات الجنوب من أسفل همالية قد تكونت حديثا ما كانت الصخور البلورية والألواح الحجرية في أواسط همالية وما وراءها، وما كانت أقسام همالية المركزية وحدها مؤلفة من الصوان والجلاميد المتحولة.
ويدل ما حول قمم همالية من بقايا نبات البحر، ومن رواسب الملح على مكث مياه البحر بهضاب تلك الجبال زمنا طويلا.
شكل 1-4: منظر في جبل آبو «راجبوتانا».
अज्ञात पृष्ठ