ومملكة بيجابور الإسلامية هي الحاجز المهم الذي كان يقي الدولة المغولية من المراتها، بيد أن أورنغ زيب هدم هذه المملكة فاستطاع المراتها أن يقوموا بالمغازي والغارات أحرارا في كل مكان.
فتح المراتها، بعد موت أورنغ زيب، أكثر الولايات الهندية بالتتابع، ومثل أمراء المراتها المتحدون دورا عظيما في نصف قرن، وإنهم لجادون في تدويخ الهند بأسرها إذ وقفتهم مغازي الأفغان الذين كسروهم سنة 1760 في معركة باني بت الشهيرة حيث قتل 200000 رجل كما روي.
ومن نتائج غزوات الأفغان وتنافس أمراء المراتها وما اضطر إليه هؤلاء من محاربة أمراء المسلمين المستقلين أن دب الضعف فيهم، فاغتنم الإنجليز ذلك فاستطاعوا أن يقهروهم، والإنجليز وجدوا بين أولئك من قاتلوهم بعنف مع ذلك، ولم يتم الإنجليز إخضاعهم إلا بعد أربع حروب انتهت في أوائل هذا القرن، ولا يزال بعض أمراء المراتها مالكين لإندور وغواليار على الخصوص، ولكنهم لا يتمتعون بشيء من السلطان السياسي على ما عندهم من جيوش كثيرة. (6) تاريخ جنوب الهند
جنوب الهند منطقة لا يرتبط تاريخها في تاريخ شمال الهند إلا عرضا، ونحن إذ لم نسطع أن نطبق عليه تقسيماتنا العامة نرى أن ندرسه في مطلب مستقل.
قسم القدماء الهند إلى المنطقتين الكبيرتين: الهند الشمالية أو الهندوستان والهند الجنوبية أو الدكن، واتخذ وادي نربدا في الغرب والجبال المجاورة لكتك على خليج البنغال فواصل لتينك المنطقتين، واليوم لا يطلقون اسم الدكن إلا على الهضبة الوسطى التي يحدها نهر نربدا وجبال وندهيا شمالا ووادي كرشنا جنوبا وجبال كهات الغربية غربا وجبال كتك وجبال كهات الشرقية شرقا.
وإذا عدوت المسلمين وقليلا من الآدميين القاطنين ببعض البقاع المعينة وجدت سكان الدكن القديمة من ذوي الجلود السمر الذين هم نتيجة توالد العروق السود الفطرية والغزاة الصفر الذين أتوا من التبت لا ريب والمغول الذين أتوا من الغرب، وهذا التوالد المكرر قد تم في عصور أقدم من عصرنا كثيرا، واليوم يبدو سكان جنوب الهند، وإن شئت فقل الدراويد، من أكثر عروق الهند تجانسا، فهم يدينون منذ اثني عشر قرنا بديانة واحدة، ويتخذون فنونا واحدة، ويتكلمون بلغات تكاد تكون واحدة.
ويظهر أنه لم يكن للبدهية أثر كبير في سكان جنوب الهند، وهذا الأثر، عند افتراض وجوده، قد زال بسرعة، فلا ترى بعد نهر كرشنا بناء بدهيا.
وللجينية أثر أكبر من أثر البدهية هنالك، فلا تزال تجد لها أشياعا حول كانجي ورم وفي ميسور، وللإسلام أتباع غير قليلين هنالك أيضا، ولكن البرهمية ظلت ديانة الأكثرين من سكان جنوب الهند، ويقسم هؤلاء بين المذهبين: وشنو وشيوا، غير أن معابدهم متماثلة غير مختلفة في سوى الرموز، فنرى لذلك، أن نضع، من الناحية المعمارية، أكثر مباني جنوب الهند في فصل واحد بدلا من أن نصنفها بحسب المدن والممالك كما نضطر إليه في أمر مباني شمال الهند ووسطها.
وتاريخ جنوب الهند، إلى دور المغازي الإسلامية، أي إلى القرن الثالث عشر من الميلاد، أشد غموضا من تاريخ شمال الهند، فلا تجد فيه آثارا أدبية ككتب الويدا ومهابهارتا، إلخ، ولا يجاوز ما ألف من الكتب بلغة التمول أو اللغات الدراويدية الأخرى القرن الثامن بعد الميلاد قدما، ولا يجاوز ما أقيم من المباني الحجرية وما نقش من الكتابات الحجرية القرن الخامس بعد الميلاد قدما.
ونستنتج من تقاويم الملوك وفتوحهم التي أشير إليها في الكتابات الحجرية، وورود أسماء لممالك جنوب الهند في مراسيم أشوكا قبل الميلاد بثلاثة قرون، وذكر أسماء بعض المدن في كتب قدماء المؤلفين، وجود ممالك في جنوب الهند قبل الميلاد بخمسة قرون أو بستة قرون وإن كنا لا نستطيع قول شيء عن حضارتها، ومما لا مراء فيه، مع ذلك، أن جنوب الهند لم يتمدن إلا بعد شمالها بزمن طويل.
अज्ञात पृष्ठ