استمرت الدولة العربية على الانقسام في القرن الرابع من الهجرة، وقامت دول مستقلة في كثير من ولاياتها، وخسرت بغداد ما للعواصم من المزايا، وصارت القاهرة قاعدة الإسلام الحقيقية، وأصبحت إسپانية أنضر مقر للحضارة العربية مع دوام عاصمة الخلفاء القديمة على إلقاء أشعتها الساطعة، ويقصد طالبو العلم من جميع أقطار الأرض، ومنها أوربة النصرانية، جامعات العرب الكبيرة في طليطلة وغرناطة وقرطبة.
شكل 3-15: حربة أمير عربي في مصر.
القرن الخامس من الهجرة:
شهد القرن الخامس من الهجرة أمرين مهمين؛ وهما: الحروب الصليبية، وظهور الأتراك السلجوقيين في العالم العربي، وكان قد جيء بهؤلاء السلجوقيين البرابرة من التركستان كأسرى حرب في بدء الأمر، ثم تألف منهم حرس الخلفاء ببغداد، فابتلعوا السلطة الحقيقية شيئا فشيئا غير تاركين للخلفاء من السلطة سوى المظاهر.
شكل 3-16: فأسا أمير عربي في مصر.
وجعل السلجوقيون مقرهم أمام القسطنطينية بعد أن ملكوا جميع الولايات المجاورة لبغداد، واستولوا على سورية، وأحلوا تعصبهم محل تسامح العرب، ونهوا النصارى عن القيام بشعائر دينهم، وجاروا على حجيجهم، فاضطربت أوربة وثارت، بعد أن كانت تخشى تقدم المسلمين منذ زمن طويل.
ونشأ عن مواعظ بطرس الراهب ودعوة البابا أوربان الثاني أن جرد الأوربيون حملتهم الصليبية الأولى في سنة 1095م وانقضوا على فلسطين، واستولوا عليها، وأنشأ غودفروا البويوني مملكة القدس النصرانية الهزيلة.
ومما حدث في القرن الخامس من الهجرة أن طرد العرب من صقلية، وأن حالف نصارى إسپانية بعض التوفيق، فاستولى الأذفونش القشتالي على طليطلة، فكان هذا بداءة الفتح الذي لم يتم إلا بعد جهود أربعة قرون.
القرن السادس من الهجرة:
أدى انتصار النصارى الأول في الشرق إلى زيادة الحماسة في أوربة، فجردت أوربة حملة صليبية ثانية على الإسلام في سنة 1147م، فكانت نتيجة هذه الحملة وبالا على الصليبيين كأية حملة جردتها أوربة بعدئذ على العالم الإسلامي، فقد استولى سلطان مصر الشهير صلاح الدين الأيوبي على بلاد فلسطين، وطرد منها النصارى، وبقي سيد المدينة المقدمة على الرغم من الحملة الصليبية الثالثة التي جردتها أوربة في سنة 1189م بقيادة فردريك بار باروس وفليب أوغست وقلب الأسد: ريكاردس.
अज्ञात पृष्ठ