165

अरब सभ्यता

حضارة العرب

शैलियों

شكل 6-13: مقدم مسجد قصر الحمراء في غرناطة.

وعلى ما في هذه المباني التي أنشئت في إسپانية في مختلف الأدوار من التباين في الطرز نرى لها طابعا خاصا يدل على أصلها أول وهلة.

ويرى مثل هذا الطابع الخاص في مختلف المباني التي شادها العرب في مختلف الأقطار، فقصر الحمراء في غرناطة أو جامع السلطان حسن في القاهرة أو باب علاء الدين في دهلي أو غيره، وإن بدا عليه تأثير البيئة التي كان يعيش فيها المهندسون الذين رسموه، جمعت بينه وبين المباني الأخرى التي شادها العرب في الأقطار الأخرى صفات فن العمارة العربي العامة، وتنم هذه على مهارة صانعيها في إبداع الآثار الجديدة بالمواد القديمة، ولا جرم أن باب علاء الدين الذي ألف فيه بين عناصر الفن العربية والفارسية والهندوسية هو من الأمثلة المهمة لتأثير الفن العربي العجيب الذي طبع سمته على كل ما مسه، والذي ظل عربيا مع ما اقتبسه من الهندوس في الهند ومن الفرس في بلاد فارس ومن البزنطيين في إسپانية.

ولنتكلم الآن بإيجاز عن المباني المهمة التي تركها المسلمون في إسپانية، وسنتبع طريقتنا في نشر صور صادقة عنها نشرا يغنينا عن الوصف المفصل، وذلك على أن نعود إلى الكثير منها في الفصل الذي ندرس فيه تاريخ فن العمارة العربي. (4-1) المباني العربية في قرطبة

إن جامع قرطبة الشهير الذي بدأ عبد الرحمن بإنشائه في سنة 780م، والذي يعده علماء المسلمين قبلة أنظار المغرب، من أجمل المباني التي شادها العرب في إسپانية، قال كونده: بني ذلك المسجد الجامع في أواخر القرن الثامن من الميلاد بأمر عبد الرحمن الأول وإشرافه، وروي أن عبد الرحمن الأول هذا أراد أن يجعله مماثلا لجامع دمشق على أوسع نطاق، ومذكرا الناس بفيض زخارفه، بعجائب هيكل سليمان القدسي المجيد الذي هدمه الرومان. «وكان جامع قرطبة يفوق معابد الشرق قاطبة بعظمته وروعته، وترى ارتفاع مئذنته أربعين ذراعا، وترى قبته الهيفاء تقوم على روافد من الخشب المحفور وتستند إلى 1093 عمودا مصنوعا من مختلف الرخام على شكل رقعة الشطرنج، فيتألف منها تسعة عشر صحنا واسعا طولا وثمانية وثلاثون صحنا ضيقا عرضا، وترى في وجهه الجنوبي المقابل للوادي الكبير تسعة عشر بابا مصفحا بصفائح برونزية عجيبة الصنع خلا الباب المتوسط الذي كان مصفحا بألواح من الذهب، وترى في كل من وجهه الشرقي الجانبي ووجهه الغربي الجانبي تسعة أبواب مشابهة لتلك الأبواب.»

ولا يزال جامع قرطبة من المباني المهمة مع ما أحدثه الإسپان فيه من التلف والفساد، ومع تلك الكنيسة الواسعة التي أقاموها فيه لتطهيره، ومما صنعه الإسپان أن كلسوا زخارف جدره وكتاباته، ونزعوا منه فسيفساء أرضه، وباعوا تحف سقفه الخشبية المحفورة المزوقة، فيجب على من يرغب في تمثل شيء مما كان عليه جامع قرطبة أن ينظر إلى محرابه الذي تفلت وحده من التخريب.

شكل 6-14: قاعة البركة في قصر الحمراء (من تصوير جونس).

ويقوم سقف جامع قرطبة على أعمدة، ويتكون من اجتماع هذه الأعمدة صفوف من الصحون الكبيرة المتوازية المؤدية إلى باحته، وتتقاطع هذه الصحون وصحون أخرى كتقاطع الأضلاع الذي ينشأ عنه زوايا قائمة، ويتألف من مجموع تلك الأعمدة غابة من الرخام واليصب والغرانيت، وتعلو تلك الأعمدة أقواس رائعة منضدة مصنوعة على شكل نعل الفرس.

ولا يؤدي ارتفاع سقف جامع قرطبة الذي لا يزيد على عشرة أمتار إلى ما نراه في الكتدرائيات القديمة، التي أقيمت على الطراز القوطي في القرون الوسطى، من الجلال الأدجن ككتدرائية كولونية وستراسبرغ، وإنما ينشأ عن تنضد أقواسه وتنوع زخارفه منظر مبتكر بديع قلما تجد مثله في مبان أخرى.

وأما محراب جامع قرطبة فإننا، من غير أن نجاري جيرول دوپرانجه في قوله: «إنك لا ترى أحسن من زخرفه وسنائه في أي أثر قديم أو حديث مماثل»، نعترف بأنه من أجمل ما تقع عليه عين بشر.

अज्ञात पृष्ठ