हदैक नादिरा
الحدائق الناضرة
المتقدمين (1). وذلك فان من المعلوم ان سكان الصحاري والرساتيق ليسوا في الانس بالأحكام والشرائع ، كسكان المدن والأمصار المشتملة على العلماء والوعاظ والجمعات والجماعات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك. ولهذا نهى الشارع عن سكون تلك وندب الى سكون هذه ، لانه بمجرد ذلك يحصل التأدب بالآداب الشرعية ، والتخلق بالأخلاق المرضية ، والاطلاع على الأحكام النبوية بمداخلة أبناء النوع ومعاشرتهم ، بل مجرد رؤيتهم ، كما لا يخفى على من تأمل ذلك ، وحينئذ فالعامي من سكان الصحاري مثلا إذا أخذ العبادة من آبائه وتلقاها من اسلافه على اي وجه كان ، معتقدا انها هي العبادة التي أمر بها الشارع ولم يعلم زيادة على ذلك ، فالظاهر صحتها.
(أما أولا) فلأنه جاهل بما سوى ذلك جهلا ساذجا ، وتوجه الخطاب الى مثله كما قدمنا (2) ممتنع عقلا ونقلا.
و (أما ثانيا) فلانه قد ورد في الأخبار بالنسبة إلى جاهل الإمامة من المخالفين انهم ممن يرجى لهم الفوز بالنجاة في الآخرة ، فإذا كان ذلك حال المخالفين في الإمامة التي هي من أصول الدين فكيف بعوام مذهبنا في الفروع؟ وكذا القول بالنسبة إلى قوة العقل والفهم وعدمها ، فان خطاب كاملي العقول وثاقبي الأذهان ليس كخطاب غيرهم من البله والصبيان والنسوان ، وقد ورد عنهم ( عليهم السلام ): «انما يداق الله العباد على ما وهبهم من العقول» (3).
و «انه سبحانه يحتج على العباد بما آتاهم
पृष्ठ 85