हदैक नादिरा
الحدائق الناضرة
الاحتياط في المقام وإنما الخلاف في وجوبه أو استحبابه ، فالنافون للبراءة الأصلية على الوجوب والمثبتون لها على الاستحباب ، والأخبار الدالة على الأمر بالاحتياط في الدين أوضح دلالة وأكثر عددا فالعمل بها أرجح البتة.
وأما قوله : على انا لا نعني بأصالة البراءة ، الى آخره. فان فيه انه خروج عن ظاهر العبارة بل عن تصريحاتهم بذلك كما لا يخفى على من راجع كلامهم ، فان مرادهم بالإباحة هي الإباحة الأصلية التي هي عبارة عن عدم تعلق التكليف ، لكن هذا القائل حيث استشعر الإيراد بالأخبار التي أشرنا إليها التجأ إلى القول بما ذكره ، مع ان فيه ايضا ان الإباحة الشرعية أحد الأحكام الشرعية المتوقفة ايضا على الدليل ، ولا دليل على اباحة ما لا نص فيه ، والآية والخبر اللذان هما عمدة أدلة أولئك القائلين بالحجية قد عرفت ما فيهما.
وأما الأخبار التي استند إليها في عدم تعلق التكليف بنا حتى يظهر دليله ، فهي محمولة على المعنى الأول من معنيي البراءة الأصلية كما ينساق للناظر من ظواهر ألفاظها لا المعنى الثاني منهما ، لمعارضتها بالأخبار المستفيضة التي أشرنا إليها آنفا من حيث دلالتها على وجوب الكف والتثبت في كل فعل وجودي لم نقطع بجوازه عند الله تعالى.
واما جوابه بتخصيص الشبهة والتثليث في الأحكام بما تعارضت فيه الاخبار بناء على ظنه انحصار الدليل في مقبولة عمر بن حنظلة ونحوها ففيه ان الاخبار دالة على ما هو أعم بل صريحة في الفرد الذي ندعيه ، ومن ذلك ما رواه في الفقيه (1) من خطبة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيث قال : «ان الله حد حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها ، ثم قال ( عليه السلام ): حلال بين وحرام بين وشبهات
पृष्ठ 50