المحشا كمنبر ومحراب كساء غليظ ابيض صغير يتزر به ويفسر على الثاني بالاحتباء وهو جمع الساقين والفخذين إلى الظهر بعمامة و نحوها ليكون ذلك موجبا لزيادة تحفظها من تعدي الدم والفعل في قوله عليه السلام وتضم فخذيها في المسجد لعله مضمن معنى الادخال ولذلك عدى بفي وان جعلت الظرف حالا من المستتر لم يحتج إلى التضمين والواو في قوله عليه السلام وسائر جسدها خارج واو الحال وقد تضمن هذا الحديث وسابقاه إباحة وطي المستحاضة وهو مما لا خلاف في جوازه في الجملة انما الخلاف في اشتراطه بما يتوقف عليه الصلاة من الغسل والوضوء ففي بعض الروايات الضعيفة ما يدل عليه وظاهر الأحاديث المعتبرة اطلاق الجواز وسبيل الاحتياط واضح والحديث السادس يدل على أن المستحاضة إذا لم يتجاوز دمها القطنة إذا تحملتها ولم يسل إذا طرحتها فلا غسل عليها وانما عليها الوضوء وان سال بعد طرح القطنة فعليها الغسل وانه إذا تجاوز الدم القطنة المتحملة وسال عنها فعليها الأغسال الثلاثة وربما استدل به على وجوب غسل واحد في الاستحاضة المتوسطة وهو كما ترى (ولا يخفى ان لفظة من في قوله عليه السلام من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم لابتداء الغاية وفي قوله من الشهر الذي كانت تقعد فيه للتبعيض أي حال كون ذلك الوقت من الشهر) وما تضمنه الحديث السابع من التعصيب المراد به التحشي والاستثفار والغسل في قوله عليه السلام في آخره وان لم يجز الكرسف صلت بغسل واحد كما يمكن ان يراد به غسل (الاستحاضة يمكن ان يراد به غسل) النفاس فالاستدلال به على وجوب غسل واحد في المتوسطة مدخول و قول عليه السلام في الحديث الثامن تستحاض اي يستمر بها الدم وقد يتراءى ان هذا الحديث متروك الظاهر لدلالته على أنها إذا انقضت عادتها واغتسلت للحيض واستثفرت لا يجب عليها غسل آخر للصلاة إلى أن يخرج الدم من وراء الثوب الذي استثفرت به وهو يقتضي الحاق المتوسطة بالقليلة في عدم وجوب الغسل اللهم الا ان يقال إنه انما يدل على أنها إذا اغتسلت واستثفرت وخرجت عن حكم الحيض ولكنها تعلم عدم نقائها فإنه لا يجب عليها ان تتفقد الدم في كل ان لتعمل ما يقتضيه مرتبته بل تعمل ما تعمله المستحاضة القليلة بناء على أصالة عدم خروج دم بعد الغسل زائد على أقل مراتب الاستحاضة وانه يجوز لها الاستمرار على عدم تفقد حال الدم إلى أن ينفذ من وراء الثوب الذي استثفرت به فتيقن حينئذ حاله وتعمل ما يقتضيه مرتبته ولم يظهر من الحديث انها لو تفقدت حال الدم في الأثناء وعلمت حصول الحالة المتوسطة لم يجب عليها العمل بمقتضاها ليكون متروك الظاهر هذا غاية ما يمكن ان يقال وللنظر فيه مجال واسع والله أعلم ولقد استدل بالحديث التاسع على أن المستحاضة إذا أخلت بالأغسال النهارية لم يصح صومها و قيدت بالأغسال النهارية إذ لا دخل لغسل الليلة المستقبلة في صحة صوم يومها الماضي واما غسل الليلة الماضية فقد توقف بعضهم في مدخليته في صوم يومها المستقبل وفصل بعض مشايخنا المتأخرين قدس الله روحه بأنها ان قدمت غسل الفجر ليلا أجزأ عن غسل العشاءين وان اخرته إلى الفجر بطل الصوم وهو غير بعيد لكن أصل اشتراط صوم المستحاضة بالغسل محل تأمل فان هذا الحديث مع اضماره معلول لتضمنه ايجاب قضاء الصوم دون الصلاة ولا فارق بينهما على ذلك التقدير و الشيخ حمله على ما إذا لم تكن عالمة بان عليها الغسل لكل صلاتين وهو كما ترى وربما حمل على أن ما تضمنه من أنها لا تقضي الصلاة معناه انه لا يجب عليها قضاء جميع الصلوات لان بعضها كان في أيام الحيض وهو مع بعده محل كلام فان الصلاة في قول السائل هل يجوز صومها وصلاتها المراد به (بها) الصلاة التي أتت بها في شهر رمضان وهو الزمان الذي استحاضت فيه كما يدل عليه قوله طهرت من حيضها أو نفاسها من أول شهر رمضان وليس الكلام في الصلاة التي قعدت عنها أيام حيضها قبل دخول شهر رمضان (واما تعليق الجار في قوله عليه السلام من أول شهر رمضان) بالحيض أو النفاس فمع انه عن ظاهر الكلام بمراحل لا يجدي نفعا والله أعلم بحقايق الأمور الفصل الثاني
पृष्ठ 54