241

Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

शैलियों

• صور من قناعة النبي ﵌:
لقد كان رسول الله ﵌ أكمل الناس إيمانًا ويقينًا، وأقواهم ثقة بالله ﷿ وأصلحهم قلبًا، وأكثرهم قناعة ورضًى بالقليل، وأنداهم يدا، وأسخاهم نفسًا؛ حتى كان ﵌ يفرق المال العظيم: الوادي والواديين من الإبل والغنم، وكان الرجل يسلم من أجل عطائه ﵌ ثم يَحسن إسلامه.
قال صفوان بن أمية ﵁: «وَاللهِ لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ ﵌ مَا أَعْطَانِي وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ» (رواه مسلم).
قال الزهري: «وَأَعْطَى رَسُولُ الله ﵌ يَوْمَئِذٍ (أي يوم حنين) صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنَ النَّعَمِ ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً.» (رواه مسلم).
وقال أنس ﵁: «مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﵌ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ» (رواه مسلم).
(فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْن جَبَلَيْنِ: أَيْ كَثِيرَة كَأَنَّهَا تَمْلَأُ مَا بَيْن جَبَلَيْنِ، والفاقَةُ: الفَقْرُ والحاجَةُ).
إن تلك الصور الرائعة من بذله ﵌ جعلت أقوامًا وسادة وعتاة من أهل الجاهلية تلين قلوبهم للإسلام وتخضع للحق، وأمامها صور عجيبة لا تقل في جمالها عنها من قناعته ﵌ ورضاه بالقليل، وتقديم غيره على نفسه وأهله في حظوظ الدنيا؛ بل وترك الدنيا لأهل الدنيا، ومن ذلك:
أولًا: قناعته ﵌ في أكله:
أ- عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: «ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ ﵌ نَارٌ».
فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟
قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ ﵌ جِيرَانٌ مِنْ

1 / 260