وهذا الحديث له شواهد يرتقي بها إلى درجة الصحيح، منها حديث المقدام بن معديكرب قال: (رأيت رسول الله ﷺ توضأ فمسح رأسه، ومسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما). أخرجه أبو داود (١٢١)، وابن ماجه (١/ ١٥١)، والبيهقي (١/ ٦٥) وإسناده حسن، وحديث الربيع بنت معوذ أخرجه أبو داود (١٢٩)، وحديث ابن عباس أخرجه ابن خزيمة (١٤٨)، ولفظه: (وغرف غرفة فمسح رأسه وباطن أذنيه وظاهرهما، وأدخل إصبعيه فيهما).
ولفظة: (أو نقص) الواردة في سياق أبي داود لا تصح؛ لأن ظاهرها ذم النقص عن الثلاث في أعضاء الوضوء مع أن النقص جائز، وقد فعله النبي ﷺ كما تقدم، فكيف يعبر عن ذلك بـ (أساء وظلم)؟! قال ابن المواق: (إن لم يكن اللفظ شكًا من الراوي، فهو من الأوهام المُبَيَّنة التي لا خفاء بها، إذ الوضوء مرة ومرتين لا خلاف في جوازه، والآثار بذلك صحيحة …) (^١).
الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:
قوله: (وأدخل إصبعيه) مثنى إصْبَع، والمراد الأنملة - بتثليث حركة الهمزة والميم - وهي رأس الإصبع، وهذا من باب المجاز المرسل، وعلاقته الكلية أي: إطلاق الكل وإرادة الجزء، كقوله تعالى: ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾ [البقرة: ١٩].
قوله: (السباحتين) تثنية سباحة، وهي الإصبع التي بين الإبهام والوسطى، سميت بذلك لأنه يشار بها عند ذكر الله تعالى وتسبيحه.
قوله: (بإبهاميه) مثنى إبهام، والإبهام هي الإصبع الغليظة الخامسة من أصابع اليد والرجل.
الوجه الرابع: الحديث دليل على مسح الأذنين في الوضوء وأنهما لا يغسلان؛ لأنهما تابعان للرأس، وهذا مذهب الجمهور من السلف والخلف، لقوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ﴾ والأذنان من الرأس، ولحديث ابن عمر ﵄