7
بلغ صديق الخامسة من عمره، وكان قريبا كل القرب من أبيه، يكاد لا يتركه لحظة من حياته، بل إنه كان يصحبه كلما خرج لزيارة أصدقائه، ودون أن يدري جعل صديق لا يعرف ساحة اللعب التي يهفو إليها الأطفال؛ فهو أغلب وقته مع أصدقاء أبيه في مجالس الكبار.
ولكنه طفل، والطفل رغبته العارمة في اللهو والمرح. وأدركت هند ما يصبو إليه طفلها. - يا صابر، ألا تترك صديق يلعب مع الأطفال؟ - هل شكا إليك؟ - هو لا يحتاج إلى الشكوى. - سيدخل المدرسة هذا العام. - وهذا ألعن؛ ينتقل من الجلوس إلى الكبار ليجلس إلى الدرس والمدرس. - افعلي ما شئت. - اتركه لي قليلا. - ما ترين.
وحاولت هند أن تنشئ له علاقات مع أطفال من سنه، وبدأ صديق يعرف لهو الطفولة، ولكن لم يكد؛ فما أسرع ما لقفته المدرسة، وبدأ ينتظم فيها.
ويشاء بارئ النفوس أن تكون صحبة صابر لصديق نعمة له أي نعمة؛ فقد وجد صديق نفسه في المدرسة متقدما، يستمتع بالدرس الذي يضيق به جميع الأطفال، ووجد نفسه في فناء المدرسة محبوبا من إخوان ملعبه، يجدون فيه وقارا لا يتسنى لأحد منهم. ودون أن يشعر هو أو يشعر زملاؤه أصبح زعيم الأطفال وقبلتهم؛ كلمته بينهم مسموعة مستجابة، فلا خلاف ينشب إلا قضى عليه صديق، وزاده بينهم مكانة تفوقه المذهل في الدراسة، وكان مجرد سماعه للدرس يجعله يحفظه وكأنه قرأه عشرات المرات.
ومرت سنة دراسية وانتقل بيت صابر إلى القرية، وما إن يستقر بهم المقام حتى يقول عبد الغني لأبيه وهم جلوس إلى مائدة الغداء: بابا، نريد أن نذهب إلى المصيف.
ويصمت صابر قليلا، ويقلب الأمر في ذهنه: ما المانع؟ فكرة وجيهة.
وتقول هند : أي والله، لماذا لا؟
ويقول صابر: أتفكر في مصيف خاص يا باشمهندس؟ - باشمهندس مرة واحدة! - ألم تتخرج في الزراعة وأصبح لقبك المهندس الزراعي؟ - والله أنا أفكر في الإسكندرية، ما رأيك أنت يا باشمهندس عبد الودود؟
ويضحك عبد الودود وينظر لأبيه: أنا أوافق على أي مصيف.
अज्ञात पृष्ठ