गिदा अलबाब
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
प्रकाशक
مؤسسة قرطبة
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
1414 अ.ह.
प्रकाशक स्थान
مصر
शैलियों
सूफ़ी
يَجِبُ عَلَى كُلِّ الْعَالَمِ إنْكَارُ مَا يُغْضِبُ الْجَبَّارَ جَلَّ شَأْنُهُ وَتَعَالَى سُلْطَانُهُ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَقُولَ مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْت الْمُنْكَرَ أَنْ تُنْكِرَهُ. فَإِذَا لَقَّنَ اللَّهُ عَبْدًا حُجَّتَهُ قَالَ يَا رَبِّ رَجَوْتُك وَفَرَقْت النَّاسَ» .
وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «فَيَقُولُ اللَّهُ مَا مَنَعَك أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُولَ خَشْيَةُ النَّاسِ فَيَقُولُ إيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى» .
وَمَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إذَا عَلِمَهُ» وَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ قَدْ وَاَللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا. وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَزَادَ فِيهِ «فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يُقَالَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ» فَمَحْمُولَاتٌ عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ الْإِنْكَارِ مُجَرَّدُ الْهَيْبَةِ دُونَ الْخَوْفِ الْمُسْقِطِ لِلْإِنْكَارِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ﵀ وَرَضِيَ عَنْهُ: مُرَادُهُ ﷺ فِي قَوْلِهِ يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ «لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ» أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذَا الْإِنْكَارِ مَا يَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ حَتَّى يَفْعَلَهُ الْمُؤْمِنُ بَلْ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ آخِرُ حُدُودِ الْإِيمَانِ، لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُنْكِرْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ، وَلِهَذَا قَالَ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ، فَجَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثَ طَبَقَاتٍ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ فَعَلَ الْإِيمَانَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ. قَالَ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِمْ مَعَ بُلُوغِ الْخِطَابِ إلَيْهِمْ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ﵁: كَيْفَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ وَبِالْقَلْبِ وَهُوَ أَضْعَفُ. قُلْت: كَيْفَ بِالْيَدِ؟ قَالَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ.
وَرَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَرَّ عَلَى صِبْيَانِ الْكُتَّابِ يَقْتَتِلُونَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: التَّغْيِيرُ بِالْيَدِ لَيْسَ بِالسَّيْفِ وَالسِّلَاحِ. قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ هَذَا جَوَازُ الْإِنْكَارِ بِالْيَدِ إذَا لَمْ يُفْضِ إلَى الْقَتْلِ وَالْقِتَالِ، وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ بِلَا عُذْرٍ. زَادَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: بِلَا عُذْرٍ ظَاهِرٍ وَجَبَ الْإِنْكَارُ
1 / 228