गिदा अलबाब
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
प्रकाशक
مؤسسة قرطبة
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
1414 अ.ह.
प्रकाशक स्थान
مصر
शैलियों
सूफ़ी
وَقِيلَ مَعْنَى كَوْنِ الشِّعْرِ الْمُحَرَّمِ حُكْمًا فِي مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّ الشَّاعِرَ قَدْ يَنْطِقُ بِالْأَمْرِ قَبْلَ وُقُوعِهِ فَيَقَعُ كَمَا قَالَ: كَقَوْلِ حَسَّانَ ﵁ يُخَاطِبُ قُرَيْشًا فِي قَصِيدَةٍ لَهُ قَبْلَ فُتُوحِ مَكَّةَ:
عُدِمْنَا خَيْلَنَا إنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءٌ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يَلْطِمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ.
وَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ ﷺ النِّسَاءَ يَلْطِمْنَ وُجُوهَ الْخَيْلِ بِالْخُمُرِ وَذَلِكَ يَوْمَ الْفَتْحِ تَبَسَّمَ ﷺ إلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁ وَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ قَالَ حَسَّانُ؟ فَأَنْشَدَهُ مَا تَقَدَّمَ (فَارْوِ) الشِّعْرَ وَاحْفَظْهُ وَاسْتَمِعْهُ وَأَنْشِدْهُ (وَاسْنِدِ) أَبَاحَةُ ذَلِكَ عَنْ، النَّبِيِّ ﷺ. أَوْ فَارْوِ حَدِيثَ «إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً» وَأَسْنِدْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لَا مُقَدِّحَ فِيهِ، فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كُلِّ إمَامٍ وَفَقِيهٍ.
وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْك مَا يُرَوِّجُهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الشِّعْرِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَى مَدْحِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْكَذِبِ وَالتَّهَافُتِ، فَإِذَا خَلَا الشِّعْرُ عَنْ التَّشْبِيبِ بِالْمُرْدَانِ أَوْ بِمُعَيَّنَةٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ بِنَحْوِ خَمْرَةٍ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ رَدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَمَعَك مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ؟ قُلْت نَعَمْ، فَأَنْشَدْته بَيْتًا فَقَالَ هِيهِ. لَأَنْشَدْته بَيْتًا، فَقَالَ هِيهِ، حَتَّى أَنْشَدْته مِائَةَ قَافِيَةٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ: لَيْسَ لَنَا فِي إبَاحَةِ الشِّعْرِ اخْتِلَافٌ قَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالِاسْتِشْهَادِ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ وَتَعَرُّفِ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ ﷾ وَكَلَامِ رَسُولِهِ ﷺ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّسَبِ وَالتَّارِيخِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، وَيُقَالُ الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] .
وَفِي الْحَدِيثِ «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يُرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَقَالَ مَعْنَى (يَرِيهِ) يَأْكُلُ جَوْفَهُ يُقَالُ وَرَاهَ يَرِيهِ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَرَاهُنَّ رَبِّي مِثْلَ مَا قَدْ وَرَيْنَنِي ... وَأَحْمَى عَلَى أَكْبَادِهِنَّ الْمَكَاوِيَا
1 / 187