155

गिदा अलबाब

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

प्रकाशक

مؤسسة قرطبة

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

1414 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

مصر

शैलियों

सूफ़ी
الَّذِي يُقَرِّبُهُمْ إلَى اللَّهِ، وَجَاهَرَتْ بِهِ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَشَاقَّتْ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَفَتْ الْفُقَهَاءَ وَالْعُلَمَاءَ وَحَمَلَةَ الدِّينِ ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥] قَالَ فَرَأَيْت أَنْ أُوَضِّحَ الْحَقَّ وَأَكْشِفَ عَنْ شُبَهِ أَهْلِ الْبَاطِلِ بِالْحُجَجِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ. قَالَ وَأَبْدَأُ بِذِكْرِ أَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ تَدُورُ الْفُتْيَا عَلَيْهِمْ فِي أَقَاصِي الْأَرْضِ وَدَانِيهَا، حَتَّى تَعْلَمَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ أَنَّهَا قَدْ خَالَفَتْ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي بِدْعَتِهَا وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ. ثُمَّ قَالَ:. مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغِنَاءِ وَاسْتِمَاعِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ نَهَى عَنْ الْغِنَاءِ وَعَنْ اسْتِمَاعِهِ، وَقَالَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا مُغَنِّيَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا يُرَخِّصُ فِيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ الْغِنَاءِ، فَقَالَ إنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَكْرَهُ الْغِنَاءَ وَيَجْعَلُهُ مِنْ الذُّنُوبِ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ سُفْيَانُ وَحَمَّادٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُمْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَشَدِّ الْمَذَاهِبِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَغْلَظُ الْأَقْوَالِ، وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُهُ بِتَحْرِيمِ سَمَاعِ الْمَلَاهِي كُلِّهَا كَالْمِزْمَارِ وَالدُّفِّ حَتَّى الضَّرْبِ بِالْقَضِيبِ، وَصَرَّحُوا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ تُوجِبُ الْفِسْقَ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: إنَّ السَّمَاعَ فِسْقٌ وَالتَّلَذُّذَ بِهِ كُفْرٌ، هَذَا لَفْظُهُمْ، وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ قَالُوا وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ لَا يَسْمَعَهُ إذَا مَرَّ بِهِ أَوْ كَانَ فِي جِوَارِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي دَارٍ يُسْمَعُ مِنْهَا صَوْتُ الْمَعَازِفِ وَالْمَلَاهِي: اُدْخُلْ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الدُّخُولُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ إقَامَةِ الْفُرُوضِ. وَأَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ: إنَّ الْغِنَاءَ لَهْوٌ مَكْرُوهٌ يُشْبِهُ الْبَاطِلَ وَالْمُحَالَ، مَنْ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ سَفِيهٌ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ. وَصَرَّحَ أَصْحَابُهُ الْعَارِفُونَ بِمَذْهَبِهِ بِتَحْرِيمِهِ، وَأَنْكَرُوا مَنْ نَسَبَ إلَيْهِ حِلَّهُ كَالْقَاضِي

1 / 162