Ghayat al-Mureed fi Ilm al-Tajweed
غاية المريد في علم التجويد
प्रकाशक
القاهرة
संस्करण संख्या
الطبعة السابعة مزيدة ومنقحة
शैलियों
مقدمة
مقدمة الطبعة الثالثة
...
مقدمة الطبعة الثالثة:
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا﴾
والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين، نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، وأنصاره وأتباعه، ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين، وبعد:
فبحمد الله وعونه قد نفدت الطبعة الثانية من هذا الكتاب المتواضع في فترة وجيزة، الأمر الذي يبعث في النفس المؤمنة السعادة، ويبشرها بالخير؛ لعودة المسلمين إلى كتاب ربهم، يتلونه ويحفظونه، ويدرسون قواعد تجويده، حتى يتمكنوا من تلاوته حق التلاوة، فينالون بذلك الأجر الكبير، والثواب العظيم من الله ﷾.
ولقد جاءني بعض الخطابات من الإخوة المحبين لقراءة القرآن الكريم وحفظه، ودراسة تجويده، يطالبونني بزيادة بعض المباحث، وإيضاح بعض المسائل في الطبعة الجديدة إتمامًا للفائدة، فاستجبت لرغبتهم، وسارعت إلى مراجعة الكتاب بدقة، فانبثقت المراجعة عما يأتي:
أولًا: تصحيح أخطائه المطبعية.
ثانيًا: زيادة بعض المباحث المهمة كحكم التقاء الساكنين.
ثالثًا: تنقيح بعض المسائل التي تحتاج إلى توضيح وبيان.
فجاء بحمد الله وتوفيقه وافيًا بالغرض، مستقصيًا لكل ما يحتاجه قارئ القرآن الكريم، حتى يستطيع تلاوة كتاب الله على الوجه الذي يرضيه سبحانه.
1 / 5
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة، وأن يجزي خيرًا كل من ساهم في إخراج هذه الطبعة على هذه الصورة المرضية، إنه سميع مجيب، وهو نعم المولى ونعم النصير، صلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف: الرياض، غرة ذي القعدة، ١٤١٢ هـ.
1 / 6
مقدمة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل الأنبياء وسيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، ومن نهج نهجه، وسلك طريقه، واتبع هديه إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا كتاب في علم التجويد، وضعت فيه خبرة سنوات طويلة قمت فيها بتدريس هذا العلم بمعهد القراءات بالقاهرة، وبقسم الدراسات القرآنية بالكلية المتوسطة لإعداد المعلمين بالرياض.
وقد استخرت الله العظيم في طبعه ونشره، وطلبت منه ﷾ أن يوفقني ويعينني على إنجاز هذا العمل حتى يجد الدارس لعلم التجويد كتابًا وافيًا شاملا لكل أحكام التجويد برواية حفص عن عاصم بن أبي النجود من طريق الشاطبية، لا هو بالمطول الممل، ولا بالمختصر المخل، يستعين به على تلاوة كتاب الله حق التلاوة.
وقد توخيت فيه الاختصار، وراعيت سهولة الأسلوب، وإيجاز العبارة، ووضوح اللفظ، ودقة التنسيق، وسميته "غاية المريد في علم التجويد".
ولقد حاولت قدر طاقتي أن يطابق هذا الكتاب المتواضع منهج الكليات المتوسطة، ومعاهد التجويد والقراءات، كما ذكرت فيه بعض الأبواب المهمة لمن أراد أن يستفيد أو يستزيد، والله أسأل أن يجعل هذا العمل
1 / 7
خالصًا لوجهه الكريم، وأن يثيبني عليه بقدر ما بذلت فيه من جهد، وأن ينفع به الطلاب والدارسين حتى يتمكنوا من تلاوة كتاب الله تعالى على الوجه الذي يرضيه إنه سميع مجيب.
كما أهيب بمن يطلع عليه إذا وجد فيه نقصًا أو خطأ أن ينبهني إليه حتى استدركه في الطبعة القادمة -إن شاء الله- وأن يدعو لي في حياتي وبعد مماتي، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وصلى الله على حبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف
1 / 8
مدخل إلى علم التجويد:
أولًا: ما يتعلق بالتلاوة
١- فضل القرآن الكريم:
القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على رسوله محمد ﵌ المتعبد بتلاوته، المتحدي بأقصر سورة منه، والمنقول إلينا نقلا متواترًا.
هذا القرآن: هو الكتاب الْمُبِين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وهو المعجزة الخالدة الباقية المستمرة على تعاقب الأزمان والدهور إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومن عليها.
وهو حبل الله المتين والصراط المستقيم والنور الهادي إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، فيه نبأ ما قبلكم وحكم ما بينكم وخير ما بعدكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تَرَكَهُ من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلَّه الله، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه فقد هدى إلى صراط مستقيم.
هذا القرآن: هو وثيقة النبوة الخاتمة، ولسان الدين الحنيف، وقانون الشريعة الإسلامية، وقاموس اللغة العربية، هو قدوتنا وإمامنا في حياتنا، به نهتدي، وإليه نحتكم، وبأوامره ونواهيه نعمل، وعند حدوده نقف ونلتزم، وسعادتنا في سلوك سننه واتباع منهجه، وشقاوتنا في تَنَكُّبِ طريقه والبعد عن تعاليمه.
وهو رباط بين السماء والأرض، وعهد بين الله وبين عباده، وهو منهاج الله الخالد، وميثاق السماء الصالح لكل زمان ومكان، وهو أشرف الكتب السماوية، وأعظم وحي نزل من السماء.
1 / 9
وباختصار فإن كلام الله ﷾ لا يدانية كلام، وحديثه لا يشابهه حديث قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ ١.
ولقد رفع الله شأن القرآن ونوَّهَ بعلوِّ منزلته فقال سبحانه:
﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَى﴾ ٢
كما وصفه ﷾ بعدة أوصاف مبينًا فيها خصائصه التي مَيَّزَه بها عن سائر الكتب فقال: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ٣
وقال أيضًا: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ ٤.
والرسول ﵌ يبين لنا أن الإنسان بقدر ما يحفظ من آي القرآن وسوره بقدر ما يرتقي في دَرَجِ الجنة وذلك فيما يرويه عبد الله بن عمرو ابن العاص ﵄ عنه ﵌ أنه قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتِّل كما كنت ترتِّل في دار الدنيا فإن منزلتَك عند آخرِ آيةٍ تقرأُ بها" ٥.
كما يوضح لنا ﵌ أن قراءة القرآن يطيب بها الْمَخْبَرُ والْمَظْهر فيكون المؤمن القارئ للقرآن طيبَ الباطن والظاهر، إن خبرت باطنه وجدته صافيًا
_________
١ سورة النساء: ٨٧.
٢ سورة طه: ٤.
٣ سورة المائدة: ١٥، ١٦.
٤ سورة النحل: ٨٩.
٥ رواه الترمذي، رقم: ٢٩١٥ في ثواب القرآن، وأبو داود رقم: ١٤٦٤ في الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، ورواه أيضًا أحمد في المسند "٢/ ١٩٢"، وإسناده حسن، انظر جامع الأصول "ج: ٨، ص٥٠٢".
1 / 10
نقيًّا، وإن شاهدت سلوكه وجدته حسنًا طيبًا. فعن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: قال رسول الله ﵌: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأَتْرُجَّةِ: ريحُها طيبٌ وطعمُها طيبٌ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الرَّيحَانَةِ: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: لا ريح لها وطعمها مر" ١.
ويخبرنا عبد الله بن مسعود أن من أحب القرآن يحبه الله ورسوله فيقول: "من أحب أن يحبه الله ورسوله فلينظر: فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله"٢.
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبين فضل القرآن، فمن أراد المزيد فليرجع إلى كتب الحديث فهي زاخرة بمثل ذلك.
_________
١ أخرجه البخاري "٩/ ٥٨" في فضائل القرآن، ومسلم رقم: ٧٩٧، باب فضيلة حافظ القرآن، والترمذي ٢٨٦٩، باب ما جاء في مثل المؤمن القارئ للقرآن وغير القارئ، وأبو داود ٤٨٣٠، والنسائي "٨/ ١٢٤، ١٢٥"، وابن ماجه ٢١٤، انظر جامع الأصول "ج: ٢، ص٤٥٣".
٢ قال الهيثمي في مجمع الزوائد "ج: ٧، ص١٦٥" باب فضل القرآن، رواه الطبراني ورجاله ثقات.
فضل تلاوة القرآن الكريم مدخل ... ٢- فضلُ تلاوةِ القرآنِ الكريمِ: إن من أجلِّ العبادات وأعظم القربات إلى الله ﷾ تلاوة القرآن الكريم، فقد أمر بها ﷾ في قوله: ﴿فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ ١، كما أمر بها النبي ﵌ فيما رواه أبو أمامة -رضي _________ ١ سورة المزمل: ٢٠.
فضل تلاوة القرآن الكريم مدخل ... ٢- فضلُ تلاوةِ القرآنِ الكريمِ: إن من أجلِّ العبادات وأعظم القربات إلى الله ﷾ تلاوة القرآن الكريم، فقد أمر بها ﷾ في قوله: ﴿فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ ١، كما أمر بها النبي ﵌ فيما رواه أبو أمامة -رضي _________ ١ سورة المزمل: ٢٠.
1 / 11
الله عنه- حيث قال سمعت رسول الله ﵌ يقول: "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه" ١.
وقد أخبر ﵌ بما أعدَّه الله لقارئ القرآن الكريم من أجرٍ كبير، وثواب عظيم وذلك فيما رواه عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﵌: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول "الم" حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" ٢.
كما بين صلوات الله وسلامه عليه أن من جوَّد القرآن وأحسن قراءته، وصار متقنًا له ماهرًا به عاملا بأحكامه فإنه في مرتبة الملائكة المقربين، وذلك فيما روته أم المؤمنين عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﵌: "الماهر بالقرآن مع السَّفَرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويَتَتَعْتَعُ فيه وهو عليه شاقٌ له أجران" ٣.
كما أن الله ﷿ يوضح لنا في محكم كتابه أن الذين يداومون على تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار ويعملون بأحكامه، ويحذرون مخالفته أولئك يوفيهم الله ما يستحقونه من الثواب ويضاعف لهم الأجر من فضله.
يقول سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ ٤.
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبين فضل تلاوة القرآن الكريم، وتثبت ما لقارئ القرآن الكريم من فضل كبير وثواب عظيم عند الله ﷿.
_________
١ جزء من حديث، أخرجه مسلم في باب: فضل قراءة القرآن.
٢ أخرجه الترمذي ح رقم: ١٩١٢، باب: ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآن ما له من الأجر"، ورواه أيضًا الدارمي وغيره وهو حديث صحيح، انظر جامع الأصول "ج: ٨، ص٤٩٨".
٣ أخرجه البخاري ومسلم، وكذا أبو داود والترمذي برواية أخرى، انظر جامع الأصول "ج: ٨، ص٥٠٣".
٤ سورة فاطر: ٢٩، ٣٠.
1 / 12
٣- أهميةُ تعلُّمِ القرآنِ الكريمِ وتعليمِهِ:
تعليم القرآن الكريم فرض كفاية، وحفظه واجب وجوبًا كفائيًّا على الأمة حتى لا ينقطع تواتره، ولا يتطرق إليه تبديل أو تحريف، فإن قام بذلك قوم سقط عن الباقين، وإلا أَثِمُوا جميعًا١.
ولقد كان الرسول ﵌ لا يتوانى في إبلاغ من معه من الصحابة بما أنزل عليه من الآيات، وتعليمهم إياها فور نزولها حيث قد أمره الله -جل وعلا- بذلك في قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ ٢.
ومما لا شك فيه أن الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس، وكتابها أفضل الكتب؛ لذلك كان واجبًا عليها أن لا تألو جُهْدًا في تبليغ القرآن وتعليمه.
والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يبين لنا أن خير الناس وأفضلهم الذي يشتغل بتعلُّم القرآن الكريم أو تعليمه وذلك فيما ثبت عن عثمان بن عفان ﵁ عن النبي ﵌ قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" ٣.
وعن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﵌: "إن الذي ليس في جَوْفِهِ شيءٌ من القرآنِ كالبيتِ الْخَرِبِ" ٤.
_________
١ من مباحث علوم القرآن، للشيخ منَّاع القطان بتصرف.
٢ سورة المائدة: ٦٧.
٣ أخرجه البخاري في فضائل القرآن "٩/ ٦٦، ٦٧"، وأبو داود رقم ١٤٥٢، باب ثواب قراءة القرآن، والترمذي رقم ٢٩٠٩، ٢٩١٠ في ثواب القرآن، انظر جامع الأصول "ج: ٨، ص٥٠٨.
٤ أخرجه الترمذي ح رقم ٢٩١٤ في ثواب القرآن، ورواه أيضًا أحمد في المسند رقم ١٩٤٧، ورواه الحاكم "١/ ٥٥٤" وصححه، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان وفيه لِينٌ، ومع ذلك فقد قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
1 / 13
فصاحبُ القرآنِ قلبُه عامرٌ به، يتدبر آيات الله، ويتفكر في دلائل قدرته وعظمته، وبذلك تصفو نفسه، وتجملُ أخلاقه، وترقُّ أحاسيسه، والرسول ﵌ يخبرنا بأن حفاظ القرآن هم أصفياء الله وخاصَّته وأولياؤه وأنصاره وذلك فيما رواه أنس بن مالك عن رسول الله ﵌ قال: "إن لله أهلين من الناس فقيل من أهل الله فيهم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصَّتُه" ١.
_________
١ أخرجه الإمام أحمد، في كتاب فضائل القرآن، كما أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم في مستدركه، وصحَّحه الألباني، انظر: الجامع الصغير، حديث رقم ٢١٦١.
٤- آدابُ تلاوةِ القرآنِ الكريمِ واستماعِه: لتلاوة القرآن الكريم آدابٌ كثيرة وعديدة حسبنا أن نشير إلى طائفة منها باختصار فنقول: ينبغي على قارئ القرآن أن يتأدب بالآداب التالية: ١- أن يستقبل القبلة ما أمكنه ذلك. ٢- أن يَسْتَاكَ تطهيرًا وتعظيمًا للقرآن. ٣- أن يكون طاهرًا من الحدثين. ٤- أن يكون نظيف الثوب والبدن. ٥- أن يقرأ في خشوع وتفكر وتدبر. ٦- أن يكون قلبُه حاضرًا؛ فيتأثر بما يقرأ تاركًا حديث النفس وأهواءها. ٧- يستحب له أن يبكي مع القراءة فإن لم يبكِ يتباكى. ٨- أن يزين قراءته ويُحَسِّنَ صوتَه بها، وإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع بحيث لا يخرج به إلى حد التمطيط. ٩- أن يتأدب عند تلاوة القرآن الكريم، فلا يضحك، ولا يعبث ولا ينظر إلى ما يلهي بل يتدبر ويتذكر كما قال ﷾:
٤- آدابُ تلاوةِ القرآنِ الكريمِ واستماعِه: لتلاوة القرآن الكريم آدابٌ كثيرة وعديدة حسبنا أن نشير إلى طائفة منها باختصار فنقول: ينبغي على قارئ القرآن أن يتأدب بالآداب التالية: ١- أن يستقبل القبلة ما أمكنه ذلك. ٢- أن يَسْتَاكَ تطهيرًا وتعظيمًا للقرآن. ٣- أن يكون طاهرًا من الحدثين. ٤- أن يكون نظيف الثوب والبدن. ٥- أن يقرأ في خشوع وتفكر وتدبر. ٦- أن يكون قلبُه حاضرًا؛ فيتأثر بما يقرأ تاركًا حديث النفس وأهواءها. ٧- يستحب له أن يبكي مع القراءة فإن لم يبكِ يتباكى. ٨- أن يزين قراءته ويُحَسِّنَ صوتَه بها، وإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع بحيث لا يخرج به إلى حد التمطيط. ٩- أن يتأدب عند تلاوة القرآن الكريم، فلا يضحك، ولا يعبث ولا ينظر إلى ما يلهي بل يتدبر ويتذكر كما قال ﷾:
1 / 14
﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ١.
كما أن على سامع القرآن الكريم أن يقبل عليه بقلب خاشع ويتفكر في معانيه، ويتدبر في آياته، ويتعظ بما فيه من حكم ومواعظ، وأن يحسن الاستماع والإنصات لما يتلى من قرآن حتى يفرغ القارئ من قراءته، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ٢.
_________
١ سورة ص: ٢٩.
٢ سورة الأعراف: ٢٠٤.
كيفية قراء القرآن الكريم ... ٥- كيفيةُ قراءةِ القرآنِ الكريمِ: لقد شرع الله ﷾ لقراءة القرآن صفة معينة وكيفية ثابتة، قد أمر بها نبيه ﵊ فقال: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ ١، أي اقرأه بتؤدة وطمأنينة وتدبر، وذلك برياضة اللسان والمداومة على القراءة بترقيق المرقق وتفخيم المفخم وقَصْرِ المقصور ومدِّ الممدود وإظهار المظهر وإدغام المدغم وإخفاء المخفي وغنِّ الحرف الذي فيه غنة وإخراج الحروف من مخارجها، وعدم الخلط بينها، كل ذلك دون تكلُّف أو تمطيط. ولقد أكد الله ﷿ الفعل وهو "رتِّل" بالمصدر وهو "ترتيلا" تعظيمًا لشأنه واهتمامًا بأمره. كما قال سبحانه: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ ٢، أي لتقرأه على الناس بترَسُّلٍ وتمهُّل فإن ذلك أقرب إلى الفَهمِ وأسهل للحفظ، والواقع أن هذه الصفة لا تتحقق إلا بالمحافظة على أحكام التجويد المستمدة من قراءة رسول الله ﵌ والتي ثبتت عنه بالتواتر والأحاديث _________ ١ سورة المزمل: ٤. ٢ سورة الإسراء: ١٠٦.
كيفية قراء القرآن الكريم ... ٥- كيفيةُ قراءةِ القرآنِ الكريمِ: لقد شرع الله ﷾ لقراءة القرآن صفة معينة وكيفية ثابتة، قد أمر بها نبيه ﵊ فقال: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ ١، أي اقرأه بتؤدة وطمأنينة وتدبر، وذلك برياضة اللسان والمداومة على القراءة بترقيق المرقق وتفخيم المفخم وقَصْرِ المقصور ومدِّ الممدود وإظهار المظهر وإدغام المدغم وإخفاء المخفي وغنِّ الحرف الذي فيه غنة وإخراج الحروف من مخارجها، وعدم الخلط بينها، كل ذلك دون تكلُّف أو تمطيط. ولقد أكد الله ﷿ الفعل وهو "رتِّل" بالمصدر وهو "ترتيلا" تعظيمًا لشأنه واهتمامًا بأمره. كما قال سبحانه: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ ٢، أي لتقرأه على الناس بترَسُّلٍ وتمهُّل فإن ذلك أقرب إلى الفَهمِ وأسهل للحفظ، والواقع أن هذه الصفة لا تتحقق إلا بالمحافظة على أحكام التجويد المستمدة من قراءة رسول الله ﵌ والتي ثبتت عنه بالتواتر والأحاديث _________ ١ سورة المزمل: ٤. ٢ سورة الإسراء: ١٠٦.
1 / 15
الصحيحة، فلقد ثبت أن أنس بن مالك ﵁ سئل كيف كانت قراءة النبي ﵌؟ فقال: "كانت قراءته مدًّا، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يمدُّ ببسم الله، ويمدُّ بالرحمن، ويمدُّ بالرحيم" ١.
وقد نقلت إلينا هذه الصفة بأعلى درجات الرواية وهي المشافهة حيث يتلقى القارئ عن المقرئ، والمقرئ قد تلقاه عن شيخه، وشيخه عن شيخه وهكذا حتى تنتهي السلسلة إلى النبي ﵌.
ومن المؤكد أن النبي ﵌ قد علَّم أصحابه القرآن الكريم كما تلقَّاه عن أمين الوحي جبريل ﵇ ولقَّنهم إياه بنفس الصفة وحثهم على تعلمها والقراءة بها، فلقد ثبت أن النبي ﵌ سمع عبد الله بن مسعود يقرأ في صلاته فقال: "من سرَّه أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عَبْدٍ" ٢.
ولعل المقصد -والله أعلم- أن يقرأه على الصفة التي قرأ بها عبد الله بن مسعود من حسن الصوت وجودة الترتيل ودقة الأداء.
ولقد خصَّ رسول الله ﵌ نفرًا من الصحابة أتقنوا القراءة حتى صاروا أعلامًا فيها منهم:
أُبَي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وغيرهم.
فكان ﵌ يتعاهدهم بالاستماع لهم أحيانًا، وبإسماعهم القراءة
_________
١ أخرجه البخاري، انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري "ج: ٩، ص٩١، كتاب فضائل القرآن.
٢ رواه أحمد والبزار والطبراني، وفيه عاصم بن أبي النجود وهو على ضعفه حسن الحديث، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، ورجال الطبراني رجال الصحيح، انظر مجمع الزوائد للهيثمي "ج: ٩، ص٢٨٧.
1 / 16
أحيانا أخرى كما ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة.
فلقد ثبت عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﵌ لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك" قال: آلله سَمَّاني لك؟ قال: "الله سمَّاك لي" قال أنس: فجعل أُبي يبكي"١.
كما ثبت عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: قال لي النبي ﵌: "اقرأ علي القرآن" قلت: أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري" فافتتحت سورة النساء فلما بلغت: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ ٢ قال: "حسبُك" فالتفتُّ إليه فإذا عيناه تذرفان"٣.
ويحتمل أن يكون الرسول ﵌ قد أحب أن يسمعه من غيره؛ ليكون عرض القرآن سنة يحتذى بها، كما يحتمل أن يكون لكي يتدبره ويتفهمه وذلك لأن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها٤.
وقال ﵌ آمرًا الناس بتعلم قراءة القرآن وبتحري الإتقان فيها، بتلقيها عن المتقنين الماهرين: "خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب" ٥.
_________
١ رواه مسلم، في باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل، "ج: ٢، ص١٩٥".
٢ النساء: الآية: ٤١.
٣ أخرجه البخاري، في باب: من أحب أن يستمع القرآن من غيره، ح رقم ٥٠٤٩، وله فيه ألفاظٌ أخرى، كما رواه مسلم في باب: فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظه للاستماع، "ج: ٢، ص١٩٥".
٤ انظر فتح الباري "ج: ٩، ص٩٤".
٥ أخرجه البخاري في باب: القرَّاء من أصحاب النبي ﵌ ح رقم ٤٩٩٩، "ج: ٩، ص٤٦".
1 / 17
وكل هذا يدل على أن هناك صفة معينة، وكيفية ثابتة لقراءة القرآن لا بد من تحقيقها، وهي الصفة المأخوذة عنه ﵌ وبها أنزل القرآن، فمن خالفها أو أهملها فقد خالف السنة وقرأ القرآن بغير ما أنزل الله.
وصفة القراءة هذه هي التي اصطلحوا على تسميتها بعد ذلك بالتجويد١.
_________
١ من كتاب قواعد التجويد، للدكتور: عبد العزيز القاري، "ص: ١، ٢" بتصرف.
٦- أركانُ القراءةِ الصحيحةِ: القرآن الكريم إنما يُتلقَّى بالرواية، فيرويه الجمع من القراء عن شيوخهم ويتسلسل السند إلى النبي ﵌ ولذلك كان لقبول صحة القراءة ثلاثة أركان: الأول: موافقتها لوجه من وجوه اللغة العربية ولو ضعيفًا كقراءة ابن عامر في سورة الأنعام في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ ١ ببناء الفعل "زُيِّن" للمجهول، ورفع "قتلُ" على أنه نائب فاعل، ونصب "أولادهم" مفعول للمصدر، وجر "شركائِهم" مضافًا إلى المصدر. ولقد ثبت أن "شركائهم" مرسوم بالياء في المصحف الذي بعثه الخليفة عثمان ﵁ إلى الشام. وقد أنكر هذه القراءة بعض النحاة؛ بحجة أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه لا يكون إلا بالظرف وفي الشعر خاصة، ولكن لما كانت قراءة ابن عامر ثابتة بطريق التواتر القطعي فهي إذن لا تحتاج إلى ما يسندها من كلام العرب، بل تكون هي حجة يرجع إليها ويستشهد بها. _________ ١ سورة الأنعام: ١٣٧.
٦- أركانُ القراءةِ الصحيحةِ: القرآن الكريم إنما يُتلقَّى بالرواية، فيرويه الجمع من القراء عن شيوخهم ويتسلسل السند إلى النبي ﵌ ولذلك كان لقبول صحة القراءة ثلاثة أركان: الأول: موافقتها لوجه من وجوه اللغة العربية ولو ضعيفًا كقراءة ابن عامر في سورة الأنعام في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ ١ ببناء الفعل "زُيِّن" للمجهول، ورفع "قتلُ" على أنه نائب فاعل، ونصب "أولادهم" مفعول للمصدر، وجر "شركائِهم" مضافًا إلى المصدر. ولقد ثبت أن "شركائهم" مرسوم بالياء في المصحف الذي بعثه الخليفة عثمان ﵁ إلى الشام. وقد أنكر هذه القراءة بعض النحاة؛ بحجة أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه لا يكون إلا بالظرف وفي الشعر خاصة، ولكن لما كانت قراءة ابن عامر ثابتة بطريق التواتر القطعي فهي إذن لا تحتاج إلى ما يسندها من كلام العرب، بل تكون هي حجة يرجع إليها ويستشهد بها. _________ ١ سورة الأنعام: ١٣٧.
1 / 18
الثاني: موافقتها للرسم العثماني ولو احتمالا، إذ موافقة الرسم قد تكون تحقيقًا أو تقديرًا كما في قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ ١ فقراءة حذف الألف تحتمل اللفظ تحقيقًا، وقراءة إثبات الألف تحتمله تقديرًا، وتكون القراءة ثابتة في بعض المصاحف العثمانية دون بعض مثل قوله تعالى: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ﴾ ٢ في الموضع الأخير من سورة التوبة بزيادة لفظ "مِنْ" لثبوته في المصحف المكي دون غيره من المصاحف.
الثالث: صحة سندها بتواتر عن النبي ﵌ وقد ثبت عن زيد بن ثابت ﵁ قوله: "القراءة سنة متبعة"٣.
وإلى هذه الأركان الثلاثة يشير الإمام ابن الجزري في طيبة النشر بقوله:
فكل ما وافق وَجْهَ نَحْوِ ... وكان للرسم احتمالا يَحْوي
وصح إسنادًا هو القرآنُ ... فهذه الثلاثةُ الأركانُ
وحيثما يختلُّ ركنٌ أثبتِ ... شذوذه لو أنه في السَّبْعَةِ
وعلى هذا فإن اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة كانت القراءة شاذة ولا يجوز القراءة بها.
_________
١ سورة الفاتحة: ٤.
٢ سورة التوبة: ١٠٠.
٣ انظر: الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي، "ج١: ص٢١١" حيث يقول: أخرج سعيد بن منصور في سننه عن زيد بن ثابت قال: "القراءةُ سنةٌ مُتَّبَعَةٌ".
٧- مراتب القراءة: للقراءة ثلاث مراتب: الترتيل، والتَّدْوير، والْحَدْر: أما التَّرتيل: فهو قراءة القرآن الكريم بِتُؤَدَةٍ وطُمأنينة مع تدبر المعاني ومراعاة
٧- مراتب القراءة: للقراءة ثلاث مراتب: الترتيل، والتَّدْوير، والْحَدْر: أما التَّرتيل: فهو قراءة القرآن الكريم بِتُؤَدَةٍ وطُمأنينة مع تدبر المعاني ومراعاة
1 / 19
أحكام التجويد، وهذه المرتبة هي أفضل المراتب الثلاث حيث نزل بها القرآن الكريم١، والله ﷾ أمر نبيه بها فقال: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ .
أما التَّدْويرُ: فهو قراءة القرآن الكريم بحالة متوسطة بين الاطمئنان والسرعة مع مراعاة الأحكام، وهي تلي الترتيل في الأفضلية.
وأما الْحَدْرُ: فهو قراءة القرآن الكريم بسرعة مع المحافظة على أحكام التجويد.
وهذه المراتب كلُّها جائزة، وإليها أشار صاحب كتاب لآلئ البيان بقوله:
حدرٌ وتدويرٌ وترتيلُ تُرى ... جميعُها مراتبًا لمن قَرَا
وذكر بعض علماء التجويد مرتبة رابعة، وهي مرتبة التَّحْقيق، وقالوا بأنها أكثر تؤدة، وأشد اطمئنانًا من مرتبة الترتيل، وهي التي تستحسن في مقام التعليم٢، ولكن لا بد أن يحترز معها من التمطيط والإفراط في إشباع الحركات، حتى لا يتولد منها بعض الحروف، ومن المبالغة في الغنات إلى غير ذلك مما لا يصح.
هذا ويحترز أيضًا مع مرتبة الحدر من الإدماج ونقص المدود والغنات، فالقراءة كما قيل بمنزلة البياض إن قل صار سمرة، وإن كثر صار برصًا.
وروي عن حمزة أنه قال لبعض من سمعه يبالغ في ذلك: أما علمت أن ما كان فوق الجعودة فهو قطط، وما كان فوق البياض فهو بَرَصٌ، وما كان فوق القراءة فليس بقراءة. ا. هـ، كلام المحقق ابن الجزري في النشر.
_________
١ من البرهان في تجويد القرآن، للشيخ محمد الصادق قمحاوي، ص٦.
٢ من نهاية القول المفيد، للشيخ محمد مكي، ص١٥.
1 / 20
أسئلة:
١- تكلم بإيجاز عن فضل القرآن الكريم مستشهدًا ببعض الآيات والأحاديث.
٢- اذكر بعض الآيات والأحاديث التي تبين فضل تلاوة القرآن الكريم.
٣- ما حكم تعليم القرآن وحفظه؟ مع التعليل لما تذكر.
٤- اذكر خمسًا من آداب تلاوة القرآن الكريم.
٥- اذكر حديثًا يبين فضل من اشتغل بتعلم القرآن أو تعليمه.
٦- ما الذي يجب على سامع القرآن الكريم.
٧- لقد شرع الله لقراءة القرآن الكريم صفة معينة، فبم تتحقق هذه الصفة؟
٨- اذكر نفرًا من الصحابة الذين أتقنوا القراءة على يد رسول الله ﵌.
٩- اذكر أركان القراءة الصحيحة.
١٠- ما مراتب القراءة؟
١١- عرِّف كل مرتبة منها.
١٢- بَيِّن الأفضلية في هذه المراتب.
١٣- اذكر المرتبة التي تستحب في مقام التعليم.
1 / 21
ثانيًا: لمحةٌ موجزةٌ عن تاريخِ التَّجويدِ والقراءاتِ:
١- تاريخ التأليف في هذا العلم:
إن أول من وضع قواعد التجويد العلمية أئمة القراءة واللغة في ابتداء عصر التأليف، وقيل: إن الذي وضعها هو الخليل بن أحمد الفراهيدي١، وقال بعضهم: أبو الأسود الدؤلي، وقيل أيضًا: أبو عبيد القاسم بن سلام وذلك بعد ما كثرت الفتوحات الإسلامية، وانضوى تحت راية الإسلام كثيرٌ من الأعاجم، واختلط اللسان الأعجمي باللسان العربي، وفشا اللَّحنُ على الألسنة، فخشى ولاة المسلمين أن يُفْضي ذلك إلى التحريف في كتاب الله، فعملوا على تلافي ذلك، وإزالة أسبابه، وأحدثوا من الوسائل ما يَكْفُل صيانة كتاب الله ﷿ من اللحن، فأحدثوا فيه النَّقْطَ والشَّكْلَ بعد أن كان المصحف العثماني خاليًا منهما، ثم وضعوا قواعد التجويد حتى يلتزم كل قارئ بها عندما يتلو شيئًا من كتاب الله تعالى.
ولقد كانت بداية النَّظم في علوم التجويد قصيدةَ أبي مزاحم الخاقاني، المتوفى سنة: ٣٢٥هـ، وذلك في أواخر القرن الثالث الهجري وهي تعتبر أقدم نص نُظِمَ في علم التجويد٢.
وأما القراءات فلعلَّ أول من جمع هذا العلم في كتاب هو الإمام أبو عبيد القاسم ابن سلاَّم٣ وذلك في القرن الثالث الهجري فقد ألَّف كتاب "القراءات" الذي قال عنه الحافظ الذهبي: ولأبي عبيد كتابٌ في القراءات ليس لأحد من الكوفيين مثله، توفي ابن سلام بمكة سنة: ٢٢٤هـ.
_________
١ من كتاب "العميد في علم التجويد"، للشيخ محمود على بسة، ص٩.
٢ من كتاب "مجموعة التجويد"١، شرح قصيدة أبي مزاحم الخاقاني، للدكتور: عبد العزيز قاري، ص٩.
٣ من كتاب قواعد التجويد للدكتور: عبد العزيز القاري بتصرف ص٣، ٤.
1 / 22
وقيل إن أول من جمع القراءات ودوَّنها أبو عمر حفص بن عمر الدُّوري المتوفى سنة: ٢٤٦هـ، وقيل غير ذلك.
وقد اشتهر في القرن الرابع الهجري: الحافظ أبو بكر بن مجاهد البغدادي، وهو أول من أفرد القراءات السبعة في كتاب، وقد توفي سنة: ٣٢٤هـ.
كما اشتهر في القرن الخامس الهجري: الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الدَّاني، وله تصانيف كثيرة في هذا الفن، وأهمها كتاب التيسير، وقد توفي ببلاد الأندلس سنة: ٤٤٤هـ.
أما في القرن السادس الهجري فقد اشتهر الإمام القاسم بن فيُّره بن خلف الشاطبي، وألَّف "حرز الأماني ووجه التهاني" المعروف بالشاطبية والتي لخَّص فيها كتاب "التيسير في القراءات السبع" وعدد أبياتها "١١٧٣" بيتًا، وتوفي بالقاهرة سنة: ٥٩٠هـ.
ثم توالى بعد ذلك الأئمة الأعلام صارفين أعمارهم في التسابق لخدمة هذا العلم تصنيفًا وتحقيقًا، حتى قيَّض الله ﷿ له إمامَ المحققين أبا الخير محمد بن محمد بن محمد بن الجزري فألَّف الكثير من كتب القراءات، ونظم المقدمة في علم التجويد، وهي المعروفة بمتن الجزرية، وتوفي بمدينة شيراز سنة: ٨٣٣هـ.
أسأل الله أن ينفعنا بعلمهم، وأن يجزيهم عنا خير الجزاء إنه سميع مجيب.
٢- منشأُ اختلافِ القراءاتِ: يقول ابن هاشم: "إن السبب في اختلاف القراءات السبع وغيرها هو أن الجهات التي وجهت إليها المصاحف التي كتبت في عهد الخليفة عثمان كان بها من الصحابة من حمل عنه أهل تلك الجهة وتلقُّوا عنه القرآن، وكانت المصاحف خالية من النَّقط والشَّكْل، فثبت أهل كل ناحية على ما كانوا تلقوه سماعًا عن الصحابة بشرط موافقة ذلك لخط المصحف العثماني، وتركوا ما يخالفه امتثالا لأمر الخليفة عثمان الذي وافقه عليه الصحابة لما رأوا في ذلك من الاحتياط
٢- منشأُ اختلافِ القراءاتِ: يقول ابن هاشم: "إن السبب في اختلاف القراءات السبع وغيرها هو أن الجهات التي وجهت إليها المصاحف التي كتبت في عهد الخليفة عثمان كان بها من الصحابة من حمل عنه أهل تلك الجهة وتلقُّوا عنه القرآن، وكانت المصاحف خالية من النَّقط والشَّكْل، فثبت أهل كل ناحية على ما كانوا تلقوه سماعًا عن الصحابة بشرط موافقة ذلك لخط المصحف العثماني، وتركوا ما يخالفه امتثالا لأمر الخليفة عثمان الذي وافقه عليه الصحابة لما رأوا في ذلك من الاحتياط
1 / 23
للقرآن، ومن ثَمَّ نشأ الاختلاف بين قرَّاء الأمصار" انتهى١.
وعلى هذا يتضح لك أن الاختلاف في القراءات ليس اختلاف تَضَادٍ أو تناقض، لاستحالة وقوع ذلك في القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكنه اختلاف تَنَوُّعٍ وتغايرٍ كأن تقول مثلا: هلمَّ أو تعالَ أو أقبل وكلها بمعنىً واحد.
وإنما نشأ هذا الاختلاف تبعًا لما تلقاه الصحابة من رسول الله ﵌ ولأن الخليفة عثمان ﵁ لم يكتفِ بإرسال المصاحف وحدها إلى الأمصار لتعليم القرآن، وإنما أرسل معها جماعة من قراء الصحابة يعلمون الناس القرآن بالتلقين، وقد تغايرت قراءاتهم بتغاير رواياتهم، ولم تكن المصاحف العثمانية ملزمة بقراءة معينة لخلُوِّها من النَّقط والشَّكْل لتحتمل عند التلقين الوجوه المروية، وقد أقرأ كل صحابي أهل إقليمه بما سمعه تلقيًا من رسول الله ﵌ وهي قراءة يحتملها رسم المصحف العثماني الذي أرسل منه نسخ إلى جميع الآفاق فمثلا لفظ: "فتبينوا" من قوله تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ ٢ من غير نقط يحتمل قراءة "فَتَثَبَّتُوا".
وعلى هذا فقد تمسك أهل كل إقليم بما تلقوه سماعًا من الصحابي الذي أقرأهم وتركوا ما عداه؛ ولهذا ظهر الخلاف بين القراءات.
_________
١ انظر: كتاب القراءات المتواترة، ص٣٦، للدكتور: محمد رشاد خليفة.
٢ سورة الحجرات: ٦.
٣- القراءاتُ المتواترةُ: وهي عبارة عن اختلاف الكيفيات في تلاوة اللفظ القرآني المنزل على سيدنا محمد ﵌ ونسبتها إلى قائليها المتصلِ سندهم برسول الله ﵌ ولزيادة الإيضاح يجب معرفة المصطلحات الآتية١. _________ ١ انظر: كتاب القراءات المتواترة، ص٣٤، ٣٥، للدكتور: محمد رشاد خليفة.
٣- القراءاتُ المتواترةُ: وهي عبارة عن اختلاف الكيفيات في تلاوة اللفظ القرآني المنزل على سيدنا محمد ﵌ ونسبتها إلى قائليها المتصلِ سندهم برسول الله ﵌ ولزيادة الإيضاح يجب معرفة المصطلحات الآتية١. _________ ١ انظر: كتاب القراءات المتواترة، ص٣٤، ٣٥، للدكتور: محمد رشاد خليفة.
1 / 24