نسبة الرقيقة إلى الغليظة كنسبة الدال إلى الطاء ، فإن الدال بطرف اللسان والطاء بكل اللسان ، لإطراد استعمال الغليظة مكان كل رقيقة ما لم يعق عائق الكسرة وعدم إطراد الطاء مكان كل دال.
** الثالثة :
أرادوا أن لا يستفتحوا كتاب الله إلا بحرف معظم. وكان يقول عمر بن عبد العزيز لكتابه : طولوا الباء وأظهروا السين ودوروا الميم تعظيما لكتاب الله. وقال أهل الإشارة : الباء حرف منخفض في الصورة ، فلما اتصل بكتابة لفظ «الله» ارتفعت واستعلت. فلا يبعد أن القلب إذا اتصل بحضرة الله يرتفع حاله ويعلو شأنه.
الرابعة : إبقاء لام التعريف في الخط على أصله في لفظ الله كما في سائر الأسماء المعرفة ، وأما حذف الألف قبل الهاء فلكراهتهم اجتماع الحروف المتشابهة في الصورة عند الكتابة ولأنه يشبه اللات في الكتابة. قال أهل الإشارة : الأصل في قولنا «الله» الإله وهو ستة أحرف ويبقى بعد التصرف أربعة في اللفظ : ألف ولامان وهاء ، فالهمزة من أقصى الحلق ، واللام من طرف اللسان ، والهاء من أقصى الحلق ، وهذه حال العبد يبتدىء من النكرة والجهالة ويترقى قليلا قليلا في مقامات العبودية حتى إذا وصل إلى آخر مراتب الوسع والطاقة ودخل في عالم المكاشفات والأنوار ، أخذ يرجع قليلا قليلا حتى ينتهي إلى الفناء في بحر التوحيد كما قيل : النهاية رجوع إلى البداية. وأما حذف الألف قبل النون من لفظ «الرحمن» فهو جائز في الخط ولو كتب كان أحسن.
الخامسة : الاسم أحد الأسماء العشرة التي بنوا أوائلها على السكون ، وهو عند البصريين في الأصل سمو بدليل تكسيره على أسماء وتصغيره على سمي وتصريفه على سميت ونحوه ، فاشتقاقه من السمو وهو العلو مناسب لأن التسمية تنويه بالمسمى وإشادة بذكره. وقيل : لأن اللفظ معرف للمعنى ، والمعرف متقدم على المعرف في المعلومية فهو عال عليه حذفوا عجزه كما في «يد» و «دم» فبقي حرفان أو لهما متحرك والثاني ساكن ، فلما حرك الساكن للإعراب أسكن المتحرك للاعتدال فاحتيج إلى همزة الوصل إذ كان دأبهم أن يبتدؤا بالمتحرك ويقفوا على الساكن حذرا من اللكنة والبشاعة. ومنهم من لم يزد الهمزة وأبقى السين بحاله فيقول : سم كما قال : باسم الذي في كل سورة سمه. وقد يضم السين فيقال : «سم» كأن الأصل عنده «سمو». وعند الكوفيين اشتقاق الاسم من الوسم والسمة ، لأن الاسم كالعلامة المعرفة. وزيف بأنه لو كان كذلك لكان تصغيره وسيما وجمعه أو ساما.
पृष्ठ 63