الاستعاذة من شر الشيطان ، كما مر ، كان مجازا بالنقصان أيضا.
وأما ما يتعلق بالاستدلال فإما من جهة التصور وإما من جهة التصديق. أما الأول فنحو كيفية اقتناص التصورات الواقعة في التركيب من مفهوم العوذ ومفهوم اسم الله ومفهوم الشيطان ومفهوم الرجيم وأن كلا منها كيف يعرف بالحد أو الرسم ؛ فإن عرف بالحد فكيف يرتب جنسه وفصله؟ وإن عرف بالرسم فكيف يركب لوازمه؟ وأما معرفة الجنس والفصل واللوازم أنفسها لكل منها فمن الأمور العامة. وأما الثاني فإن قولنا : «أعوذ» لفظه خبر ومعناه إما دعاء أي اللهم أعذني ، وإما إنشاء نحو بعت واشتريت. وإذا كان كذلك فلا يتطرق إليه احتمال الصدق والكذب فلا يحتاج إلى البرهان على أحدهما. واستعمال الخبر في معنى الطلب من مسائل علم المعاني أيضا.
وأما ما يتعلق بأصول الدين فأن تعلم ذات الله تعالى وصفاته من أنه قادر مختار عليم إلى غير ذلك من الصفات التي بها يتمكن المستعاذ به من دفع المضار والشرور عن المستعيذ بحيث لا يمنعه مانع ولا يغلبه منازع ، وتصور الشيطان ولوازمه وكيفية وسوسته بنحو مما سبق في المقدمة الثانية.
وأما ما يتعلق بأصول الفقه فأن يعرف أن الاستعاذة الواردة في الكتابة والسنة واجبة أم لا بل مندوبة ، وإن كانت واجبة فتتكرر بتكرر القراءة أم لا ، وإنها تقتضي الفور أو تحتمل التراخي. وأما ما يتعلق بالفقه فإنها تستحب في الصلاة أم لا ، وإن استحبت فتجوز في المكتوبة أم لا ، وإن جازت ففي كل ركعة أم في الأولى وحدها ، ويسر بها أم يجهر؟
وأما ما يتعلق
** بعلم الأحوال
تستنبط المسائل من كل كلام يراد تفسيره من غير أن يتخطى في شيء من ذلك إلى ما ليس من العلم ، كأن تقول في كل قراءة الاستعاذة ، والقراآت المشهورة سبع هي كذا وكذا ، ورواة كل قراءة من هم وما منشأ كل قراءة؟ وفي اللغة أن واضعها من هو؟ وكيف نشأت اللغات؟ وما معنى الاشتقاق؟ وما فائدته؟ وفي الصرف أنه معرفة أحوال الكلم التي ليست بإعراب. ومن جملة الأحوال صيغة المضارع وما معناها ، وما حد الفعل والكلمة؟ إلى غير ذلك من قواعد الصرف بل ما فوق ذلك من مباحث الحرف والصوت بل مقولة الكيف. وفي النحو أن التركيب مشتمل على الاسم والفعل والحرف ، والاسم معرب منصرف وغير منصرف ، ومبني ، وما سبب الإعراب والبناء والصرف ومنع الصرف ، وأنواع الإعراب كم هي؟ وكل منها يختص بأي شيء من الفاعل والمفعول
पृष्ठ 57